وكذلك الذي دفع ألف دينار قرضا وقال «هلم شاهدا قال كفى بالله شهيدا قال هلم كفيلا قال كفى بالله وكيلا فلما جاء الأجل نقر خشبة وألقى الذهب فيها لكفالة الله تعالى إياه» وسمى هذا عهدا لله لأن كلا من المتعاهدين إنما اطمأن إلى حكم الله في هذا العهد فهو عهد أمر الوفاء به وتكفل لصاحبه بنصرته إذا نقض عهده ولهذا قال ابن عباس «ما نقض قوم العهد إلا أديل عليهم للعدو» قال تعالى {48: 10 فمن نكث فإنما ينكث على نفسه} وقد قال تعالى {4: 33 والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم} وهؤلاء الحلفاء كما حالف النبي صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار في المدينة دار أمنه وهجرته وهي المؤاخاة التي كانت بينهم وكانوا يتوارثون بها.
وقد يقول أحدهم علينا عهد الله وميثاقه أو يقول نعاهد الله على هذا.
ومنه قوله تعالى {33: 15 ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار} وهذا نذر.
وكذلك قوله {9: 75 - 77 ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين} الآيات إلى قوله {فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون}.
وكان هذا نذرا لله وهو معاهدة لله ومعاهدة الله من أعظم
الأيمان.
فاليمين والمعاهدة ونحو ذلك ألفاظ متقاربة المعنى أو متفقة المعنى فإذا قال أعاهد الله أني أحج العام فهذا نذر وعهد وهو يمين وإذا قال أعاهد الله أن لا أكلم زيدا فهو عهد لكن ليس نذرا.
فالأيمان اسم جنس إن تضمنت معنى النذر وهو أن يلتزم لله قربة
يلزمه الوفاء بها لكونها نذرا وهنا هي عقد لله وعهد لله ومعاهدة لله كالذين ذكرهم لأنه التزم لله ما يطلبه الله منه وإن تضمنت معنى العقود التي بين الناس وبعضهم وهو أن يلتزم كل من المتعاقدين للآخر ما اتفقا عليه فهذا أيضا معاقدة ومعاهدة يلزم الوفاء بها ما دام العقد باقيا.
ثم إن كان لازما لم يجز نقضه وإن لم يكن لازما كان العاقد مخيرا بين أن يبقى عليه وبين أن ينقضه كمعاهدة النبي صلى الله عليه وسلم العهود المطلقة للمشركين ومعاهدته ليهود خيبر على أن يقرهم ما أقرهم لله.
وهذا إذا كان بمعنى قوله نقركم ما شاء الله إقراركم فهو كقول الحالف إن شاء الله فمتى حولهم لم يشأ الله إقرارهم وإن كان بمعنى ما أباح الله لنا ذلك فإنه يرجع إلى حكم الشرع.
Shafi 66