فإن كان النذر لغير الله فهذا شرك كالحلف بغير الله ومثل هذا عليه أن يستغفر الله منه ولا ينعقد نذره كما لا ينعقد اليمين بالمخلوقات.
وأما إن نذر لله ما ليس طاعة كذبح نفسه أو ولده يتقرب بذلك إلى الله فهذا هل عليه البدل أو كفارة يمين أو لا شيء فيه نزاع.
وأما الحالف فإنه لا يقصد التقرب إلى الله بل يقصد الحض والمنع بالله فهو مستعين به على مطلوبه لا قاصد لعبادته وطاعته فلهذا لم توجب اليمين شيئا ولم تحرمه بل الأمر على ما كان عليه فما كان مأمورا به قبل اليمين فهو مأمور به بعدها وما كان منهيا عنه قبل اليمين فهو منهي عنه بعدها لكن عليه إذا حنث كفارة يمين وإنما يؤمر بالحنث إذا كان خيرا من المقام عليها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه».
والناس كثيرا ما يقصدون بأيمانهم الامتناع عن فعل المباحات والطاعات فيحرمون الحلال بأيمانهم ويتركون طاعة الله ورسوله بأيمانهم فنهاهم الله عن هذا وهذا فقال {5: 87 - 89 لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم} إلى قوله {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان} الآية وقال {66: 1 - 2 لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم • قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم} وقال تعالى {2: 224 ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس} فنهاهم أن يجعلوا الحلف بالله مانعا لهم من فعل الطاعات التي أمر الله بها من البر والتقوى والإصلاح بين الناس.
وأما إذا حلفوا بغير الله فذاك شرك فنهوا عنه كله وقال النبي صلى الله عليه وسلم «لا تحلفوا إلا بالله» وكذلك النذر لغير الله شرك كله فنهوا عنه.
وأما النذر لله فإن كان طاعة أمروا بالوفاء به وإن كان معصية نهوا عن ذلك وإن كان مباحا خيروا وعليهم الكفارة مع الترك في أظهر قولي العلماء.
Shafi 30