فهذه الآية وما فيها من نهيه نبيه صلى الله عليه وسلم عن تحريم ما أحل الله له وذكره ما تقدم قبل ذلك من فرضه للمؤمنين تحلة أيمانهم يوافق تلك الآية والآيتان جميعا متفقتان على أن المؤمن ليس له أن يحرم الحلال بيمين ولا غيرها وأنه إذا فعل ذلك أجزأه كفارة يمين.
وهذا مذهب عامة العلماء إذا حلف بالله أن لا يفعل هذا.
وأما إذا قال هذا علي حرام ففيه نزاع مشهور فمذهب أحمد المشهور عنه وأبي حنيفة وغيرهما أن تحريم الحلال يمين وفيه الكفارة.
وأما مالك فلا يرى في شيء من ذلك كفارة بل تحريم الحلال عنده لا يكون إلا طلاقا أن أمكن وإلا كان لغوا.
وأما الشافعي فعنده تحريم الحلال ليس بيمين لكنه إذا كان المحرم فرجا أوجب كفارة يمين مع أنه ليس بيمين وإن لم يكن فرجا فلا شيء عليه وتحريم الحلال يتضمن الامتناع مما كان مباحا له.
والمقصود أن شريعتنا التي هي أكمل الشرائع تضمنت أن أحدا لا يحرم إلا ما حرمه الله ورسوله ومن حرم على نفسه شيئا غير ذلك أجزأه كفارة يمين إما مطلقا وإما في بعض المواضع وكان له أن يفعل ما أحله الله بلا ريب وهذا مما يدخل في معنى قوله صلى الله عليه وسلم «المؤمنون عند شروطهم إلا شرط أحل حراما أو حرم حلالا».
فإن قيل فقد ذكرتم في العقود التي بين الناس كالبيع والإجارة والنكاح أنه إذا شرط ما كان مباحا له أن يفعله بدون العقد فقد لزم بالشرط وذاك الشرط تضمن تحريم ما كان مباحا له؟
قيل ذلك يلزم إذا كان للمشترط فيه غرض صحيح مثل اشتراط البائع الانتفاع بالمبيع مدة واشتراط المرأة دارها.
وأيضا فالمشترى إنما كان يستحق أن ينتفع بالمبيع والزوج أن يسافر بالمرأة إذا
Shafi 24