وأما العين فالعيب في العادة لا يذهب بأكثر السلعة فعيب الدين في الذمة الفاسدة أعظم من عيب العين ولهذا أفتى الصحابة فيمن قال «إن جئتنى بالثمن إلى وقت كذا وكذا وإلا فلا بيع بيننا» أنه ينفسخ البيع إذا مضى الزمان ولم يوفه لم ينعقد إلا على هذه الصفة وأما إذا أطلق فهو لم يرض إلا بالتمكن من القبض فإن تبين غير متمكن من قبض الثمن لعسرة أو مطل أو غيبة كان له الفسخ إلا أن يكون بينهما شرط لفظي أو عرفي إلى مدة كما أنه إذا لم يتمكن من قبض المبيع بأن ظهر المبيع مغصوبا ونحوه فله الفسخ وإن امتنع من إقباضه فهو كامتناعه من إقباض الثمن.
فصل
واعتبار التراضي في المبيع يوجب اعتباره في النكاح من طريق
الأولى فإن في الصحيحين عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج».
فجعل الوفاء بالشروط التي تستحل بها الفروج أحق منه بغيرها.
ومعلوم أن المرأة إذا اشترطت شرطا في النكاح فإنها لم ترض بإباحة فرجها إلا بذلك الشرط وشأن الفروج أعظم من شأن المال فإذا كان الله قد حرم أخذ المال إلا بالتراضي فالفروج أولى أن تحرم إلا بالتراضي ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم في النكاح برضى المرأة ووليها لم يكتف برضى أحدهما فنهى الولي أن يزوج المرأة إلا برضاها ونهى المرأة أن تتزوج إلا بإذن وليها فدل ذلك على أن اعتبار الرضى في النكاح أعظم وجعل النبي صلى الله عليه وسلم الشروط فيه أحق بالوفاء فدل على أن شروطه ألزم وإذا كان من اشترط شرطا في البيع فلم يحصل له لم يلزمه البيع بل له فسخه فالنكاح أولى بذلك إذا اشترطت المرأة صفة في الرجل أو الصداق ولم يحصل لها كان الفسخ لها بطريق الأولى كما قضى به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال عمر «مقاطع الحقوق عند الشروط فيمن شرط لها دارها».
وقول من قال من الفقهاء من أصحاب أبي حنيفة ومالك وغيرهم إن النكاح لا يقبل الفسخ لا دليل عليه بل الكتاب والسنة والآثار والقياس تدل
Shafi 155