مثال ذلك أن الناس لا يزالون يحلفون بالطلاق وغيره على أمور أيمانا لا يمكن الوفاء بها إما لتحريم الشرع للوفاء بها وإما لما في ذلك من الفساد والضرر في الدنيا مع أن ما كان كذلك فالشرع ينهى عنه فإن الله لا يحب الفساد و«لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» فإذا لم يهتدوا إلى ما في الكتاب والسنة من تحلة هذه الأيمان عمدوا إلى أمور أخر وكثير منها لا ينفع فإنه إذا فعل المحلوف عليه مثل تلك الأمور حنث ومتى حنث أوقعوا عليه الطلاق الثلاث فلم يكن عندهم إلا التحليل وقد «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له» واتفقت الصحابة على النهي عنه وفيه من الفساد ما لا يكاد ينضبط أو التحريج والتعسير المخالف لما بعث الله به رسوله الموجب لفساد الدين والدنيا فإن الحالف لا يريد وقوع الطلاق بل لبغضه له حلف به كما حلف بالكفر والمشي إلى بيت الله ونحوهما وإذا كان لا بد له من الحنث كما هو الواقع في كثير من الأيمان فالأمر دائر بين ثلاثة أقسام:
إما ألا يحنث فيكون قد أفسد دينه بمعصية الله ورسوله أو دنياه وإما أن يحنث ويفارق أهله وأولاده مع أنه قد يكون في ذلك من الفساد والضرر عليه ما لا يحصيه إلا رب العباد.
وإما أن يسعى في نكاح التحليل وفيه العار والنار.
وبهذا كان يستطيل أهل الإلحاد المنافقون وأهل الظلم ونحوهم على عموم المسلمين يحلفونهم بهذه الأيمان على ترك ما أمر الله به ورسوله ويصلح به أمر المعاش والمعاد فيلزمونهم أن يقعوا في أنواع من فساد الدين والدنيا وصارت هذه العقود المحدثة المخالفة للكتاب والسنة كالاعتقادات الفاسدة المخالفة للكتاب والسنة هؤلاء لا يطيعون الرسول فيما أمر به عن ربه وهؤلاء لا يصدقونه فيما أخبر ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فصل
في التراضي في العقود وما يجوز من فسخها إذا لم يحصل ما تراضيا عليه قال الله تعالى {4: 29 يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم}.
Shafi 152