وقول من قال من الفقهاء إن هذا تعليق والتعليق لازم دعوى مجردة فليس معهم دليل شرعي يدل على أن التعليق لازم بل ولا معهم أصل شرعي يفرقون به بين التعليق وما في معناه ولا بين ما جوزوا فيه التعليق وما منعوه.
وحسبك أنك تجدهم في مثل تعليق الطلاق بالشروط يقولون ما يذكره كثير من الفقهاء حتى الرافعي في شرحه الكبير وغيره يقولون تعليق الطلاق بالصفة جائز قياسا على تعليق العتق بالصفة ثم يقولون وتعليق العتق جائز قياسا على التدبير والتدبير ثبت بالنص وهذا الاستدلال في غاية الفساد.
وذلك أنه إن كان المعنى الذي لأجله جاز التدبير موجودا في تعليق الطلاق بالصفة قيس هذا التعليق على التدبير وإن لم يكن موجودا لم ينفع توسيط العتق بالصفة بينهما فإن أصل الأصل أصل وفرع الفرع فرع فالتدبير أصل للطلاق والعتاق المعلق بالصفة وهما فرع له.
فيقال أولا أنتم لكم نزاع مشهور في التدبير هل هو وصية أو تعليق بصفة وكثير منكم يرجح الأول فإذا كان من باب الوصايا وحكمه حكم الوصايا حتى يجوز الرجوع فيه بالقول بطل اعتبار هذه التعليقات به فإنها لازمة عندكم ليست من الوصية في شيء والفرع لا يكون أقوى من أصله.
ويقال ثانيا التدبير إعتاق بعد الموت ومعلوم أنه يجوز العطية بعد الموت بأن يقول إذا مت فلفلان ثلث مالي أو ربعه ويجوز الإبراء بعد الموت بأن يقول إذا مت فقد أبرأت فلانا مما لي عليه وهم لا يجوزون تعليق العطية ولا الإبراء في الحياة كما يجوزون ذلك في الموت.
وأيضا فالمعلق بالموت يجوز في الموجود والمعدوم والمجهول والمعلوم ويجوز للمجهول وبالمجهول لأنه يشبه الميراث والتصرفات في الحياة ليست كذلك.
ويقال ثالثا المعلق بالموت وصية وإن كان لازما فالتدبير وصية بلا ريب لكن إذا قيل بلزومه فهو وصية لازمة لما فيها من العتق المؤجل بأجل فإن قوله «أنت حر بعد موتي» كقوله «أنت حر بعد سنة» والعتق عقد لازم لا يمكن فسخه.
Shafi 147