313

Nailul Awtar

نيل الأوطار

Editsa

عصام الدين الصبابطي

Mai Buga Littafi

دار الحديث

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1413 AH

Inda aka buga

مصر

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
بِأَنَّهُ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ بِلَفْظِ التُّرَابِ، أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «وَجُعِلَ التُّرَابُ لِي طَهُورًا» أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.
وَأُجِيبُ أَيْضًا عَنْ ذَلِكَ الِاسْتِدْلَالِ بِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالتُّرْبَةِ مَفْهُومُ لَقَبٍ، وَمَفْهُومُ اللَّقَبِ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَرْبَابِ الْأُصُولِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ: إلَّا الدَّقَّاقُ فَلَا يَنْتَهِضُ لِتَخْصِيصِ الْمَنْطُوقِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْحَدِيثَ سَبَقَ لِإِظْهَارِ التَّشْرِيفِ، فَلَوْ كَانَ جَائِزًا بِغَيْرِ التُّرَابِ لَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى التُّرَابِ إلَّا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، نَعَمْ الِافْتِرَاقُ فِي اللَّفْظِ حَيْثُ يَحْصُلُ التَّأْكِيدُ فِي جَعْلِهَا مَسْجِدًا دُونَ الْآخَرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ يَدُلُّ عَلَى الِافْتِرَاقِ فِي الْحُكْمِ وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْله تَعَالَى: فِي آيَةِ الْمَائِدَةِ مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ: التُّرَابُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ مِنْ لَلتَّبْعِيضِ كَمَا قَالَ فِي الْكَشَّافِ: إنَّهُ لَا يَفْهَمُ أَحَدٌ مِنْ الْعَرَبِ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: مَسَحْتُ بِرَأْسِي مِنْ الدُّهْنِ وَالتُّرَابِ إلَّا مَعْنَى التَّبْعِيضِ انْتَهَى.
فَإِنْ قُلْتُ: سَلَّمْنَا التَّبْعِيضُ فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْبَعْضَ هُوَ التُّرَابُ؟ قُلْتُ: التَّنْصِيصُ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ. وَمِنْ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ خُصُوصُ التُّرَابِ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مِنْ ذِكْرِ الصَّعِيدِ وَالْأَمْرِ بِالتَّيَمُّمِ مِنْهُ وَهُوَ التُّرَابُ، لَكِنَّهُ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَالصَّعِيدُ: التُّرَابُ أَوْ وَجْهُ الْأَرْضِ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الصَّعِيدُ: وَجْهُ الْأَرْضِ تُرَابًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: لَا أَعْلَمُ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي ذَلِكَ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ؛ وَمَذْهَبُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الصَّعِيدَ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [المائدة: ٦] هُوَ التُّرَابُ.
وَفِي كِتَابِ فِقْهِ اللُّغَةِ لِلثَّعَالِبِيِّ: الصَّعِيدُ: تُرَابُ وَجْهِ الْأَرْضِ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ. وَفِي الْمِصْبَاحِ أَيْضًا. وَيُقَالُ الصَّعِيدُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ يُطْلَقُ عَلَى وُجُوهٍ: عَلَى التُّرَابِ الَّذِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَعَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَعَلَى الطَّرِيقِ؛ وَيُؤَيِّدُ حَمْلَ الصَّعِيدِ عَلَى الْعُمُومِ تَيَمُّمُهُ ﷺ مِنْ الْحَائِط فَلَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَال. وَقَدْ ذَهَبَ إلَى تَخْصِيصِ التَّيَمُّمِ بِالتُّرَابِ الْعِتْرَةُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَدَاوُد؛ وَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَعَطَاءٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ إلَى أَنَّهُ يُجْزِئُ بِالْأَرْضِ وَمَا عَلَيْهَا، وَسَيَعْقِدُ الْمُصَنِّفُ لِذَلِكَ بَابًا قَوْلُهُ: (أَيْنَمَا أَدْرَكَتْنِي الصَّلَاةُ) فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ " فَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي الصَّلَاةُ " وَفِي الصَّحِيحَيْنِ " فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلِيُصَلِّ ". وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى عُمُومِ التَّيَمُّمِ بِأَجْزَاءِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: " فَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْ رَجُلًا، وَأَيُّمَا رَجُلٍ " صِيغَةُ عُمُومٍ، فَيَدْخُلُ تَحْتَهُ مَنْ لَمْ يَجِدْ تُرَابًا وَوَجَدَ غَيْرَهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ. قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَمَنْ خَصَّصَ التَّيَمُّمَ بِالتُّرَابِ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُقِيمَ دَلِيلًا يَخُصّ بِهِ هَذَا الْعُمُومَ أَوْ يَقُولُ: دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ يُصَلِّي وَأَنَا أَقُولُ بِذَلِكَ: فَيُصَلِّي عَلَى الْحَالَةِ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ حَدِيث الْبَاب فَإِنَّهُ بِلَفْظِ " فَعِنْده مَسْجِده وَعِنْده طَهُوره ".
وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّف

1 / 325