Nayazik Fi Tarihin Dan Adam

Cali Cabd Allah Barakat d. 1450 AH
15

Nayazik Fi Tarihin Dan Adam

النيازك في التاريخ الإنساني

Nau'ikan

9

إذ إنه لا يرى جدوى من إرسال الحجر، الذي يقال إنه سقط من السماء على مدينة «ستون»، إلى الرئيس أو النواب. وهذا يعبر عن إصرار «جيفرسون» على عدم الاعتراف بوجود ظاهرة سقوط الأحجار من السماء، وأنها تتكون في جو الأرض ثم تسقط على الأرض. وذكر بعض الباحثين أن «جيفرسون» قال: «من السهل عليه قبول أن الأساتذة الذين درسوا هذا الحجر كاذبون، لكن يصعب عليه تصديق كون هذا الحجر ساقطا من السماء .»

10

وأثرت تلك المفاهيم، التي سادت في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، سلبا على تقدم علم دراسة النيازك، نظرا لأنها جاءت من قبل علماء بارزين لهم إسهاماتهم العلمية، ومن ثم لهم تأثيرهم في انتشار الآراء العلمية أو انحسارها بين الناس. وتخلى عدد من الباحثين، على إثر ذلك، عن دراسة الأجسام التي تسقط من السماء، وهجر الكتاب موضوع النيازك ولم يتطرقوا إليه، ولم يعد أحد يحفل بالتقارير التي تتحدث عن ملاحظة سقوط أجسام صلبة من السماء، وتخلص الباحثون مما كان بحوزتهم من عينات نيزكية كانت في انتظار الدراسة، وتخلصت بعض المتاحف والهيئات العلمية من العينات النيزكية المحفوظة بها. فعلي سبيل المثال تخلص متحف المقتنيات الملكية في «فيينا» من مجموعته النيزكية؛ نتيجة للحملة المعادية لظاهرة وجود أجسام صلبة تسقط من السماء، التي تزعمها «بورن»، أحد العلماء البارزين في مجال الدراسات المعدنية في ذلك الوقت. وهكذا ضاع عدد كبير من النيازك التي كانت بحوزة الأفراد والهيئات العلمية، ببلدان غرب أوروبا في ذلك الوقت.

ومع نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، بدأت «الأوساط العلمية» المهتمة بالظواهر الطبيعية تناقش بقوة في محافلها ظاهرة النيازك، وظهرت بين أوساط المتعلمين والمثقفين والفلاسفة آراء متباينة غاية التباين حول موضوع سقوط النيازك من السماء؛ فمنهم من يرجع ظاهرة سقوط الأحجار الصلبة من السماء إلى انصهار مواد أرضية، من تأثير البرق الذي يصيب الأرض؛ ومنهم من كان يرى أنها مواد أرضية تنثرها ثورات البراكين في الجو، ثم تعود وتسقط ثانية على الأرض؛ ومنهم من كان يرى أنها تنشأ من تجمعات الأتربة في الغلاف الجوي، ثم تسقط على الأرض على هيئة مواد صلبة؛ ومنهم من يرى أنها مواد غريبة عن كوكب الأرض، أي أنها من أصل سماوي. وممن تبنوا الرأي القائل بالأصل السماوي «لابلاس»

Laplace ؛ حيث أكد أن الأحجار الصلبة التي تسقط على الأرض تأتي من القمر، من تأثيرات ثورات البراكين القمرية.

ويعتبر الفيزيائي «إرنست فلورانس كلاندي» (1756-1827م) عضو «أكاديمية علوم سان بطرسبرج» الروسية؛ أهم الباحثين الذين دفعوا علم دراسة النيازك في العصور الحديثة؛ إذ درس مجموعة من الأجسام الصلبة التي ذكرت التقارير أنها سقطت من السماء، على أماكن مختلفة من أوروبا، وأكد أنها ليست من أصل أرضي، وإنما من أصل سماوي. ووردت نتائج دراساته تلك في كتاب صغير صدر في «ريجا» في عام 1794م، متحديا الأفكار السائدة آنذاك، التي كانت تدعي أنه لا يسقط شيء من السماء، لكن آراء «كلاندي» لم تلق صدى كبيرا في حينها، وإن اعترف بها بعض من العلماء البارزين، من أشهرهم «و. أولبيرس».

الفيزيائي «إرنست فلورانس كلاندي» (1756-1827م).

وفي سابقة هي الأولى من نوعها - في ذلك الوقت - أقدم الكيميائي البريطاني «إدوارد هوارد»، في عام 1802م، على القيام بعمل تحاليل كيميائية على معادن الطور الفلزي، الموجودة ضمن المكونات المعدنية لنيزك «والد كوتج»، بالمملكة المتحدة، الذي سقط في 13 ديسمبر عام 1795م. وخلص «هوارد» من دراسته إلى أن المعادن الفلزية في هذا النيزك الحجري تشبه تلك التي توجد في النيازك الحديدية، والتي قرأ عنها في كتاب «كلاندي». وأسهمت ملاحظات «هوارد» في إذكاء إرهاصات مخاض الروح الجديدة التي تدعم الاعتراف بوجود ظاهرة الأحجار السماوية، والتي بدأ يرسي دعائمها «كلاندي». وتكريما له من قبل الباحثين، أطلق اسمه على مجموعة من النيازك تعرف الآن باسم «هوارديت». ويعد الباحثون في تاريخ تطور علم النيازك «هوارد» أول من قام بعمل تحاليل كيميائية على نيزك. وفي الواقع أن من قام بذلك هو ابن سينا، لكن يمكن اعتبار «هوارد» أول من قام بتحليل معادن الطور الفلزي في النيازك الحجرية.

ثم حدث تحول كبير نحو قبول آراء «كلاندي» بسقوط نيزك كبير على شكل وابل من الأحجار، بالقرب من مدينة «لأجيل» التي تقع في شمال فرنسا، في 26 أبريل عام 1803م. حيث جعل الحدث العلماء يفكرون جديا في أمر الأحجار الساقطة من السماء؛ إذ لا سبيل إلى التسويف إزاء حدث سقوط آلاف الأحجار على مساحة كبيرة من الأراضي، تمكن من مشاهدته عدد كبير من الناس. ووصف حادثة السقوط والأحجار التي جمعت من ذلك الحدث عالم مشهور هو «ج. ب. بويت»، وقدم أدلة واضحة على أن مصادر هذه الأحجار هي من خارج نطاق الأرض، مما اضطر الأكاديمية الفرنسية للعلوم إلى تغيير موقفها، والاعتراف بأن هناك أجساما صلبة تسقط على الأرض، في صورة أحجار أو مواد حديدية، وهي ما يطلق عليها نيازك.

Shafi da ba'a sani ba