فأجابته المترجمة بقصيدة منها:
إن كان غركم جمال إزار
فالقبح في تلك المحاسن وار
لا تحسبوا أني أماثل شعركم
أنى تقاس جداول ببحار
فلما وصلت القصيدة إلى شهاب الدين القاضي وجدها كلها ألفاظ درية ومعان عبقرية؛ فأكبر مخاطبتها، وأخذها بعين الكمال، ولم يعد يراسلها إلا مراسلة العلماء الأعلام.
يحيى بن خالد وصاحب الخريطتين
يروى أن يحيى بن خالد بن برمك عزم على زفاف حسان ولده؛ فأهدى إليه وجوه الدولة كل منهم بحسب حاله وقدرته، فصنع بعض المتجملين العاجزين بطتين، وملأ إحداهما ملحا مطيبا، وملأ الأخرى سعدا معطرا، وكتب معهما رقعة فيها: «لو تمت الإرادة لأسعفت الحاجة، ولو ساعدت القدرة على بلوغ النعمة لتقدمت السابقين إلى خدمتك وأتعبت المجتهدين في كرامتك، لكن قعدت بي القدرة عن مساواة أهل النعمة، وقعدت بي الجدة عن مباهاة أهل المكنة، وخشيت أن تطوى صحيفة البر وليس لي فيها ذكر، فأنفذت المصلح بيمنه وبركته - وهو الملح - والمختتم بطيبه ونظافته - وهو السعد - باسطا يده المعذرة، صابرا على ألم التقصير، متجرعا غصص الاقتصار على اليسير، والقائم بعذري في ذلك: أنه ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج، والخادم ضارع في الامتنان عليه بقبول خدمته ومعذرته والإحسان إليه بالإعراض من جراءته والرأي أسمى»، ثم دخل دار يحيى ووضع الخريطتين والرقعة بين يديه، فلما قرأ الرقعة أمر أن تفرغا، وتملأ إحداهما دنانير، والأخرى دراهم.
محمد بن واسع وقتيبة بن مسلم
دخل محمد بن واسع على قتيبة بن مسلم والي خراسان في مدرعة صوف، فقال له: ما يدعوك إلى لباس هذه؟! فسكت، فقال قتيبة: أكلمك لا تجيبني؟! قال: أكره أن أقول: زهدا؛ فأزكي نفسي، أو أقول فقرا فأشكو ربي، فما جوابك إلا السكوت، قال ابن سماك لأصحاب الصوف: والله لئن كان لباسكم وفقا لسرائركم فقد أحببتم أن يطلع الناس عليها، وإن كان مخالفا لقد هلكتم.
Shafi da ba'a sani ba