انفرد الحجاج يوما عن عسكره فلقي أعرابيا، فقال له: يا وجه العرب، كيف الحجاج؟ فقال: ظالم غاشم. قال: هلا شكوت إلى عبد الملك بن مروان؟! قال: أظلم وأغشم عليهما لعنة الله! فبينما هو كذلك إذ تلاحقت به عساكره، فعلم الأعرابي أنه الحجاج، فقال الأعرابي: أيها الأمير السر الذي بيني وبينك لا يطلع عليه أحد إلا الله. فتبسم الحجاج وأحسن إليه وانصرف.
الحجاج وآكل الحلوى
حضر أعرابي عند الحجاج فقدم الطعام فأكل الناس منه، ثم قدمت الحلوى، فترك الحجاج الأعرابي حتى أكل منها لقمة، ثم قال: من أكل من الحلوى ضربت عنقه، فامتنع الناس من أكلها، وبقي الأعرابي ينظر إلى الحجاج مرة وإلى الحلوى مرة، ثم قال: أيها الأمير، أوصيك بأولادي خيرا! ثم اندفع يأكل، فضحك الحجاج حتى استلقى على قفاه، وأمر له بصلة.
المهلب ومالك بن بشير والحجاج
لما هزم المهلب بن أبي صفرة قطري بن الفجاءة - صاحب الأزارقة - بعث إلى مالك بن بشير فقال له: إني موفدك إلى الحجاج، فسر؛ فإنما هو رجل مثلك! وبعث له بجائزة فردها، وقال: إنما الجائزة بعد الاستحقاق، وتوجه، فلما دخل على الحجاج قال له: ما اسمك؟ قال: مالك بن بشير. قال : ملك وبشارة! كيف تركت المهلب؟ قال: أدرك ما أمل، وأمن من خاف. قال: كيف هو بجنده؟ قال: والد رءوف. قال: فكيف جنده؟ قال: أولاد بررة. قال: كيف رضاهم عنه؟ قال: وسعهم بالفضل وأقنعهم بالعدل. قال: فكيف تصنعون إذا لقيتم عدوكم؟ قال: نلقاهم بجدنا فنطمع فيهم، ويلقوننا بجدهم فيطمعون فينا. قال: كذلك الجد إذا لقي الجد، فما حال قطري؟ قال: كادنا ببعض ما كدناه. قال: فما منعكم من اتباعه؟ قال: رأينا المقام من ورائه خيرا من اتباعه. قال: فأخبرني عن ولد المهلب. قال: أعباء القتال بالليل حماة السرح بالنهار. قال: أيهم أفضل؟ قال: ذلك إلى أبيهم! قال: لتقولن. قال: هم كحلقة لا يعرف طرفاها. قال: أقسمت عليك؛ هل رويت لغيري هذا الكلام؟ قال: ما اطلع عليه غير الله وأنت. فقال الحجاج لجلسائه: فهو والله الكلام المطبوع، لا الكلام المصنوع.
رؤبة وأبو مسلم صاحب الدعوة
قال رؤبة: قدمت على أبي مسلم صاحب الدعوة فناداني: يا رؤبة. فنوديت له من كل مكان: يا رؤبة. فأجبت:
لبيك إذا دعوتني لبيكا
أحمد ربا ساقني إليكا
الحمد والنعمة في يديكا
Shafi da ba'a sani ba