وأما المنجمون الآن بمصر فهم وأطباؤهم كما قد الشراك من الجلد، بل كما حذيت النعل بالنعل، لا يتعلق أمثلهم من علم النجوم بأكثر من زايجة يرسمها ومراكز يقومها. فأما المعان والتبحر في معرفة الأسباب والعلل، والمبادئ الأول، فليس منهم من يرقى إلى هذه الدرجة، ويسمو إلى هذه المرتبة، ولا يحلق في هذا الجو، ويستضئ بهذا الضو إلا أبو الحسن علي بن النضر المعروف بالأديب، رضي الله عنه، من أهل مصر الأعلى، فإنه كان من الأفاضل [الأعيان] ، المعدودين من حسنات هذا الزمان. وسنذكره فيما نستأنفه إن شاء الله تعالى.
وأما الطائفة المقلدة التي حظها من المعرف القشور دون اللبوب، والظواهر دون البواطن، والأشباح دون الأرواح، فأمثل من بهم منهم الآن رجل يعرف برزق الله النحاس، فإن له في فروع هذه الصناعة بعض دربه وتجربة، وبتجريباتها بعض خبرة، وهو أكبر المنجمين بها وكبيرهم الذي علمهم، وأميرهم الذي يلوذون به، فجميعهم إليه منسوب، وفي جريدته مكتوب، وبفضله معترف، ومن بحره مغترف، وهو شيخ مطبوع بتطايب وبتخالع.
Shafi 38