ولكنني عبد ليحيى بن خالد
فقلت شراء قال: لا، بل وراثة
توارثني من والد بعد والد
فأمر له بعشرة آلاف درهم.
الفضل بن يحيى والأعرابي
روى الأصمعي عن الفضل بن يحيى قال: خرج يوما للصيد والقنص، وبينما هو في موكبه إذ رأى أعرابيا على ناقة قد أقبل من صدر البرية يركض في سيره، قال: هذا يقصدني فلا يكلمه أحد غيري، فلما دنا الأعرابي ورأى المضارب تضرب، والخيام تنصب والعسكر الكثير، الجم الغفير، وسمع الغوى والضجة ظن أنه أمير المؤمنين، فنزل وعقل راحلته وتقدم إليه وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، قال: اخفض عليك ما تقول: فقال: السلام عليك أيها الأمير، قال: الآن قاربت اجلس، فجلس الأعرابي، فقال له الفضل: من أين أقبلت يا أخا العرب؟ قال: من قضاعة، قال: من أدناها أو من أقصاها؟ قال: من أقصاها، فقال: يا أخا العرب: مثلك من يقصد من ثلاثمائة فرسخ إلى العراق لأي شيء، قال: قصدت هؤلاء الأماجد الأنجاد الذين قد اشتهر معروفهم في البلاد، قال من هم؟ قال: البرامكة، قال الفضل: يا أخا العرب، إن البرامكة خلق كثير، وفيهم جليل وخطير، ولكل منهم خاصة وعامة، فهل أفرزت منهم لنفسك من اخترته لنفسك وأتيته لحاجتك؟ قال: أجل أطولهم باعا وأسمحهم كفا، قال: من هو؟ قال: الفضل بن يحيى بن خالد، فقال له: الفضل يا أخا العرب، إن الفضل جليل القدر عظيم الخطر، إذا جلس للناس مجلسا عاما لم يحضر مجلسه إلا العلماء والفقهاء والأدباء والشعراء والكتاب والمناظرون للعلم، أعالم أنت؟ قال: لا، قال: أوردت على الفضل بكتاب وسيلة، قال: لا، فقال: يا أخا العرب غرتك نفسك، مثلك يقصد الفضل بن يحيى وهو ما عرفتك عنه من الجلالة، بأي ذريعة أو وسيلة تقدم عليه، قال: والله يا أمير ما قصدته إلا لإحسانه المعروف، وكرمه الموصوف، وبيتين من الشعر قلتهما فيه، فقال الفضل: يا أخا العرب أنشدني البيتين، فإن كانا يصلحان أن تلقاه بهما أشرت عليك بلقائه، وإن كانا لا يصلحان أن تلقاه بهما بررتك بشيء من مالي ورجعت إلى باديتك، وإن كنت لا تستحق بشعرك شيئا، قال: أفتفعل أيها الأمير، قال: نعم، قال: فإني أقول:
ألم تر أن الجود من عهد آدم
تحدر حتى صار يمتصه الفضل
ولو أن أما مسها جوع طفلها
غذته باسم الفضل لاغتذأ الطفل
Shafi da ba'a sani ba