254

Nawadir Kiram

نوادر الكرام

Nau'ikan

صلى الله عليه وسلم : «الخير كثير وقليل فاعله»، والمرجو للإجابة من تكاملت فيه خصالها وهي ثلاث: إحداهن كرم الطبع فإن الكريم مساعد واللئيم معاند، وقد قيل: المخذول من كانت له إلى اللئام حاجة. والثانية: سلامة الصدر فإن العدو ألب على نكبتك وحرب على نائبتك. وقد قيل: من أوعز صدره استدعيت شره فإن رق لك بكرم طبعه ورحمك بحسني ظفره فأعظم بها محنة أن يصير عدوك لك راحما وقد قال الشاعر:

وحسبك من حادث بامرئ

ترى حاسديه لهف راحمينا

والثالث: ظهور المكنة فإن من سأل ما لا يمكن فقد أحال وكان كمستنهض المسجون ومسعف المديون وكان بالرد خليقا وبالحرمان حقيقا، وقد قال الإمام علي: من لا يعرف (لا) حتى يقال له لا فهو أحمق، ووصى عبد الله بن الأهتم ابنه فقال: يا بني لا تطلب الحوائج من غير أهلها ولا تطلبها في غير حينها ولا تطلب ما لست له مستحقا فإنك إن فعلت ذلك كنت حقيقا بالحرمان.

أما شروط المروءة في الغير فثلاثة: المؤازرة، والمباشرة، والإفضال. أما المؤازرة فنوعان: أحدهما الإسعاف بالجاه، والثاني: الإسعاف في النوائب، فأما الإسعاف بالجاه فقد يكون من الأعلى قدرا والأنفذ أمرا، فقد قال بعض الحكماء: اصنع الخير عند إمكانه يبقى لك حمده عند زواله، وأحسن والدولة لك يحسن لك والدولة عليك واجعل زمان رخائك عدة لزمان بلائك. وقال بعض البلغاء: من علامة الإقبال اصطناع الرجال. وقال بعض الأدباء: بذل الجاه أحد الحبائين. وجاء في الحديث: «من عظمت نعمة الله عليه عظمت مؤونة الناس عليه فمن لم يحتمل تلك المؤونة عرض تلك النعمة للزوال». وقيل لحكيم اليونان: من أضيق الناس طريقا وأملهم صديقا؟ قال: من عاشر الناس بعبوس وجهه واستطال عليهم بنفسه، وقال عدي بن حاتم:

كفى زاجرا للمرء أيام دهره

تروح له بالواعظات وتغتدي

وقال النبي

صلى الله عليه وسلم : «خير من الخير معطيه، وشر من الشر فاعله». وقيل لبعض الحكماء: هل شيء خير من الذهب والفضيلة؟ قال: معطيهما.

والإسعاف في النوائب نوعان واجب ومبدع، فأما الواجب فما اختص بثلاثة أصناف وهم الأهل والإخوان والجيران، سئل الأحنف بن قيس عن المروءة، فقال: صدق اللسان ومؤاساة الإخوان وذكر الله تعالى في كل مكان. وقال بعض حكماء الفرس صفة الصديق أن يبذل لك ماله عند الحاجة ونفسه عند النكبة ويحفظك عند المغيب. ورأى بعض الحكماء رجلين مصطحبين لا يفترقان، فسأل عنهما فقيل: هما صديقان، فقال: ما بال أحدهما فقير والآخر غني. وقال الإمام علي: ليس حسن الجوار كف الأذى بل الصبر على الأذى، وقال بعض الحكماء: من أجار جاره أعانه الله وأجاره، وقال بعض الشعراء:

Shafi da ba'a sani ba