وإن شابا كحافظ أوتي من زلاقة اللسان وقوة التعبير والتأثير ما أوتي، يمكن له أن يكون وسيطا «سمسارا» من أهون سبيل.
وقد أوقعت الصدف بين يدي حافظ رجلا من ذوي الأملاك، أراد أن يرهن منزلا له في أحد البنوك لقاء مبلغ ثلاثة آلاف جنيه، فأفهمه حافظ أن في وسعه إحضار هذا المبلغ إليه بفائدة لا تزيد على الخمسة في المائة في خلال ستة عشر يوما، ثم أخذ منه حجة المنزل ووصول الضرائب ليقدمها إلى البنك جريا على المعتاد.
عند ذاك فكر حافظ في طريقة تمكنه من بيع المنزل المذكور والاستيلاء على ثمنه، فاستحضر إليه وسيطا لا يعلمه ولم يره من قبل، وقال إنه يريد بيع منزل له، ثم اتفق وإياه على آخر ثمن للبيع وفوضه في إجرائه وقبض العربون.
ولقد رأى الوسيط الجديد أن الثمن الذي يطلبه حافظ قليل في جانب ما يساويه المنزل من الثمن الحقيقي، فسرعان ما أوجد شاريا قبض منه مبلغ مائة جنيه عربونا بمقتضى التوكيل الذي معه من حافظ نجيب الذي تسمى باسم صاحب المنزل الحق. وبعد ذلك كشف طالب الشراء على المنزل في المحكمة المختلطة، فلما لم يجده مرهونا ولا مباعا لأحد اشتراه بمبلغ أربعة آلاف جنيه، أخذها حافظ غنيمة باردة.
ولعل صاحب المنزل الحقيقي لا يزال حتى الساعة يبحث عن حافظ، كما يبحث عنه البوليس السري إلى الآن.
حافظ والحسناء
أو المحتال العاشق
إذا كان الحب في عرف ابن الفارض أوله سقم وآخره قتل، فهو في عرف النابغة حافظ نجيب مداعبة في أوله وربح في آخره، وإذا كنت أيها القارئ الكريم في ريب من ذلك فاسمع القصة التي سأرويها الآن لتصدق ما تقدم به البيان: من ميل حافظ التنقل وعدم الثبات، فهو إذا ما اتخذ إحدى القهوات للهو غادرها بعد حين قريب من الزمان إلى قهوة أخرى، شأن الطائر الغرد الذي لا يستقر على شجرة من الأشجار.
ففي ذات يوم راقت له قهوة كائنة في شارع كبير من أحياء العاصمة، فاتخذها له مركزا لقضاء بضع ساعات من النهار والليل.
ولا ريب أن الذي يجلس على القهوة لا يهمه منها إلا أن يكون ما يقدم إليه نظيفا وخاليا من الغش، أما حافظ فلم يكن هذا شأنه بل هو إذا جلس مرات في قهوة ما أخذ بتأمل ما حولها من المنازل سابرا غور كل منزل منها، على أمل أن يجد له في أحدها مغنما، فهو كثير التفكير بعيد النظر شأن النوابغ من رجال البوليس السري والمحتالين.
Shafi da ba'a sani ba