194

Natr al-Durr

نثر الدر

Bincike

خالد عبد الغني محفوط

Mai Buga Littafi

دار الكتب العلمية

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٢٤هـ - ٢٠٠٤م

Inda aka buga

بيروت /لبنان

وَقَالَ فِي خطبَته بِالْبَصْرَةِ: يَا أهل الْبَصْرَة يَا أهل المؤتفكة أئتفكت بِأَهْلِهَا ثَلَاثًا وعَلى الله تَمام الرَّابِعَة. يَا جند الْمَرْأَة، وَأَعْوَان الْبَهِيمَة، رغا فأجبتم وعقر فتفرقتم. وخطب فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى الدُّنْيَا نظر الزاهدين فِيهَا، فَإِنَّهَا وَالله عَن قَلِيل تزيل الثاوي السَّاكِن، وتبخع المترف الآمن، لَا يرجع مَا تولى مِنْهَا فادبر، وَلَا يدْرِي مَا هُوَ آتٍ مِنْهَا فينتظر، سرورها مشوبٌ بالحزن، وَآخر الْحَيَاة فِيهَا إِلَى الضعْف والوهن، فَلَا يَغُرنكُمْ كَثْرَة مَا يعجبكم فِيهَا لقلَّة مَا يصحبكم مِنْهَا. رحم الله رجلا تفكر فَاعْتبر، فأبصر إدبار مَا قد أدبر، وَحُضُور مَا حضر؛ فَكَأَن مَا هُوَ كائنٌ فِي الدُّنْيَا لم يكن، وَكَأن مَا هُوَ كَائِن فِي الْآخِرَة لم يزل. وَقَالَ جُنْدُب: دَخَلنَا عَلَيْهِ فَقَالَ: أما إِنَّكُم سَتَلْقَوْنَ بعدِي ثَلَاثًا؛ ذلًا شَامِلًا، وسيفًا قَاتلا، وأثرةً يتخذها الظَّالِمُونَ عَلَيْكُم سنة، فتودون عِنْد ذَلِك لَو رَأَيْتُمُونِي فنصرتموني وقاتلتم دوني، لَا يبعد الله إِلَّا من ظلم! . فَكَانَ جُنْدُب بعد ذَلِك إِذا رأى شَيْئا مِمَّا يكره يبكي وَيَقُول: أبعد الله الظَّالِم. وَقَالَ فِي خطْبَة لَهُ: وأيم الله إِنَّكُم لَو قد رَأَيْتُمْ الْمَوْت لَا نفرجتم عَن عَليّ ابْن أبي طَالب انفراج الْمَرْأَة عَن قبلهَا؛ فَقَالَ لَهُ رجل: أَفلا كَمَا فعل عُثْمَان، فَقَالَ: إِن الَّذِي فعل عُثْمَان مجزاةٌ لمن لَا نصْرَة لَهُ، وَلَا حجَّة مَعَه، فَأَما وَأَنا على بينةٍ من رَبِّي، ويقينٍ وعهدٍ من نبيي كلا وَالله: إِن أمرءًا يُمكن من نَفسه عدوة فيهشم عَظمَة، ويفرى جلده لعظيمٌ عَجزه، ضعيفٌ مَا ضمت عَلَيْهِ الأحشاء من صَدره، وَأَنت ذَاك إِن شِئْت. فَأَما أَنا فوَاللَّه لَأُعْطيَن دون ذَلِك ضربا بالمشرفي تطير لَهُ فرَاش الْهَام، وَالله يفعل مَا يَشَاء.

1 / 214