Nataij Fikr Fi Nahw
نتائج الفكر في النحو للسهيلي
Mai Buga Littafi
دار الكتب العلمية
Inda aka buga
بيروت
Nau'ikan
Nahawun da Tsarrafi
على معبوده ﵊ على الإطلاق، لأن امتناعهم عن عبادة الله تعالى ليس لذاته، بل كانوا يظنون أنهم يعبدون الله، ولكنهم كانوا جاهلين به، فقوله: (وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ)، أي: أنكم لا تعبدون معبودي، ومعبوده هو كان يعرفه دونهم وهم جاهلون به.
ووجه آخر، وهو أنهم كانوا يشتهون مخالفة رسول الله ﷺ حسدًا له، وأنفة من اتباعه، فهم لا يعبدون معبوده لا كراهية لذات المعبود، ولكن كراهية لاتباع محمد ﷺ، وشهوتهم لمخالفته في العبادة، كائنًا ما كان معبوده وإن لم يكن معبوده إلا
الحق ﷾.
فعلى هذا لا يصح في النظم البديع والمعنى النبيه الرفيع، إلا
" ما " لإبهامها ومطابقتها الغرض الذي تضمنته الآية، وبالله التوفيق.
ووجه ثالث - وهو: ازدواج الكلام - أصل في البلاغة، وبديع في الفصاحة، مثل قوله ﷿: (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ) و(فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ) .
فسمَّى المعاقبة اعتداء لازدواج الكلام وحسن الانتظام.
وكذلك قوله ﷿: (لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ) ومعبودهم لا يعقل، ثم ازدوج مع هذا الكلام قوله: (ولا أنتم عابدون ما أعبد)، فاستوى اللفظان
وإن اختلف المعنيان، كما كان ذلك في قوله عز
وجل: (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ)
وفي قوله ﵊:
" إن فلانًا هجاني، فاهجه اللهم ".
هذا حسن من جهة اللفظ، والذي قدمناه أقوى في المعنى، وأنفى
للشك وأجلى للعمى، والله الموفق لسبيل الهدى، والمشكور على ما هب من
نعمى.
* * *
(زيادة فائدة في الآية)
إن قيل: ما الفائدة في تكرير لفظ الفعل على بنية المستقبل حين أخبر عن
نفسه، وتكريره بلفظ الماضي حين أخبر عنهم، فقال: (وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٣) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (٤)؟.
قلنا: في ذلك إشارة وإيماء إلى عصمة الله ﷿ له في الزيغ والتبديل
1 / 142