غطى وجهه بيديه وهز كتفي بقوة وقال: لم أفعل ذلك بإرادتي، صدقيني. - أعرف أعرف. - لا، لا تعرفين شيئا، ما الذي أتى بي إلى هنا في رأيك هكذا من غير تخطيط؟
أنزلت يده من كتفي وقلت: اسمع سعيد، لا أعرف ما تنوي فعله هذه المرة، لكن إياك أن تحطم قلبها مجددا، سلمى أختي وهي أرق وأجمل وأطهر إنسانة وجدتها، لو تركتها فستموت حرفيا، أو سيقتلها أهلها، هل تسمع؟ - أنت مجنونة؟ الآن بإمكاني أن أتزوجها فقط لو يسمحون لنا.
وخرج من فوره ونادى على أمي، تبعته إلى المطبخ، ماذا سيفعل الآن؟ أمسك الملعقة من يد أمي، وضعها جانبا، وأجلس أمي على الكرسي وقال: «أمي، أريد أن أتزوج سلمى بنت الحاج طه.» فتحت أمي عينيها دهشة ثم قالت: «سلمى؟ كيف تعرفها؟ تريد تتزوج على عيني وراسي، لكن لم سلمى تحديدا؟ ألم تسمع ما قيل عنها منذ مدة؟» أجاب سعيد في حدة: لا يهمني ما قيل، أريد أن أتزوجها. - بلى يهمك، ويهمك كثيرا. لقد كانت ترافق شابا غريبا عنها في إحدى زوايا الجامعة بعيدا عن أنظار الجميع، وكانت تضحك بصوت عال وقلة أدب، حدث ذلك منذ سنوات ... - كفى أمي كفى، هل تصدقين حقا هذا الكلام؟ هل تعرفين أن هذا الشاب هو أنا؟ لكن ...
شهقت أمي وقامت واقفة وهي تضرب على فخذيها، أمسكها سعيد من كتفيها وأجلسها مرة أخرى وقال: أمي، اهدئي أرجوك، سلمى كانت معي في المعهد وقد حدث ذلك منذ أكثر من عامين. أحببتها ولم أكلمها مرة واحدة، اكتفيت بمراقبتها ويشهد الله أنها لم تكلم أو تقف مع أي شاب غيري.
أمنت على كلامه فقلت: إنها خجولة جدا.
نظرت إلي أمي معاتبة، وكأنها تقول : وأنت أيضا؟
ذلك المساء بعد حضور أبي فاتحه سعيد بالموضوع، لم يعارض أبي أبدا فهو لا يهتم لكلام «النسوان». كما أنه يعرف أخاها الكبير عبد الحي من السوق، وسيطلبها منه بما أن سلمى بلا أب. في اليوم التالي ذهب أبي وسعيد إلى الدكان الذي يعمل فيه عبد الحي، وضعا أمامه فور دخولهما طقما من الذهب قبل أن يتحدثا بكلمة. كان هذا تصرف أبي حسبما حكى لي سعيد، عندها طلب منه يد سلمى أخته هكذا من غير مقدمات. التمعت عينا الأخ على الفور بالذهب، لكنه أظهر طبعا تردده في مشاورة أهل البيت أولا.
في اليوم الذي يليه تمت قراءة الفاتحة والخطبة، واتفقوا على يوم العرس الخميس القادم بعد أسبوع؛ فعلى سعيد أن يسافر. وهكذا تم كل شيء بسهولة وسلاسة وتيسير.
كتبت:
الآن أفهم معنى أن يكون الأب سندا.
Shafi da ba'a sani ba