وأرسلتها.
2 «كيف حالك؟» ظهرت لي نافذة محادثة صغيرة من أسفل شاشة صفحتي في «الفيسبوك». إنها من شادي «الحمد لله» أجبته، ماذا أكتب بعد؟ هل أسأله عن حاله؟ هل أبدي إعجابي بصور لوحات الخط التي يرسلها لي كل يوم على بريدي؟ ماذا أكتب؟ إنه لا يعرف شيئا عني، بأي صفة يسألني؟ وأنا كذلك! لا أعرف عنه شيئا. شعرت باضطراب خفيف، فخرجت من «الفيسبوك» وأطفأت جهازي، واستلقيت على سريري أفكر.
ماذا يريد مني؟ وماذا أريد منه؟ إنه مثل شباب هذه الأيام يرغب باللهو مع الفتيات والتسلية؛ فهو لا يعرفني ولم يرني إلا مرة واحدة، ما هذا العبث؟ لماذا لا يتوقف عن مفاجأتي كل يوم بلوحة خط على بريدي؟ لكنني أنا من طلبت منه ذلك حين أرسلت له: «هل من مزيد؟» ماذا أفعل؟ كيف أوقعت نفسي في هذه اللعبة الخطرة؟ لكن عن أي خطر أتحدث؟ وهل سيخرج من الشاشة ليؤذيني أو يخطفني مثلا؟ كم هذا سخيف! أنا أحببت أعماله وجذبتني لوحاته، وكانت فرصة لي لأتعرف على هذا الفن الجميل، ما المشكلة في ذلك؟
عدت إلى جهازي وفتحت «الفيسبوك» قبل أن ينفد شحنه، كان شادي قد خرج ولم يعد متصلا، لكنني وجدت رسالة من رندة، يا لفرحتي!
العزيزة سما
سرني اهتمامك بمنشوراتي، أهلا بك، يسعدني التواصل معك، ستجدين مرفقا برقمي على «الواتساب» للتواصل.
رندة
رائع! الآن أستطيع أن أتعرف عليها عن قرب أكثر، حفظت رقمها في جهازي، وأرسلت إليها على الفور، ومن يومها وأنا أراسلها بشكل شبه منتظم، أسألها عن بعض منشوراتها ونتطرق لأحاديث كثيرة متشعبة، كانت كريمة معي بحسب ما يسمح وقتها بذلك. راحت فرحتي بها تزداد، وشعرت أنني أقترب أكثر في تحقيق حلمي بجمعها مع جدو نور.
3 - كيف حالك؟ - الحمد لله بخير، وأنتم؟ - لا أدري لماذا تصرين على مخاطبتي بصيغة الجمع؟ - هكذا أفضل، صدقني. - كما تشائين، لم تخبريني عن رأيك في لوحتي الأخيرة. - نعم إنها جيدة، لكن الخط الفارسي لا يعجبني كثيرا، إنه ليس بفخامة الثلث، ولا بجمالية الديواني ولا بهندسة الكوفي، أشعر أنه خط كسول وخامل. - هههههه، تحليل دقيق، وتسمية رائعة للخط الفارسي، إنه من الآن الخط الخامل. - لا تهزأ بي. - أنا لا أهزأ، على العكس يهمني رأي المتلقين في لوحاتي، وخاصة الأذكياء منهم! - هل تجاملني؟ - وهل يجب علي ذلك؟ - أنت مراوغ، تجيب عن سؤال بسؤال. - هذا أنا . - والألوان كذلك أجدها غريبة عنك ولا تناسب أبدا ما كتبته. - تقصدين الأحمر أم الأصفر؟ - الاثنين معا. صحيح، كنت قد سألتك مرة عن اللونين الذهبي والسماوي اللذين يطغيان على أغلب لوحاتك؟ كنا في مديرية الثقافة في معرضك، أتذكر؟ - وكيف أنسى؟ كان يوما مفصليا في حياتي. - بالتأكيد، أخمن شعور من ينجح في إنشاء أول معرض له. - نعم، ولسبب آخر أكثر أهمية بالنسبة لي، لن يخفى على ذكية مثلك. - لم تجبني عن الذهبي والسماوي! - أحسنت، تجيدين دائما التهرب من الموضوع، «يا ستي» الذهبي يرمز لكل مقدس وثمين، والسماوي رمز للتسامي والصفاء، وهذه سمات أصيلة في حضارتنا العربية وخاصة الدينية منها. - حضارتنا العربية لا يمكن فصلها عن الدينية. - نعم ممكن، ثم إن اللون السماوي صار أثيرا لدي أكثر منذ ذلك اليوم يا سماوي، أقصد يا سما! - هههههه.
4
Shafi da ba'a sani ba