فلما انقطع من البيوت قلت: أيها الرجل قف، فانك لو عرفتني لم تقدم علي - أنا عروة بن الورد، وقد رأيت الليلة منك عجبًا (وأخبره بشأن النار والأسود)، ثم قال: فرأيتك في هذه الخصال من أكمل الناس، ولكن تنثني وترجع! قال: فضحك وقال: ذلك لأخوال السوء، والذي رأيت من صرامتي فمن قبل أعمامي وهم هذيل، وما رأيت في كعاعتي فمن قبل أخوالي وهم خزاعة، والمرأة التي رأيتها عندي منهم، وأنا نازل عليهم، وذلك ما يثنيني عن أشياء كثيرة، وأنا لاحق بقومي، وخارج عن أخوالي، وأخلي سبيل المرأة؛ ولولا ما رأيت من كعاعتي لم يقو على مناوأتي أحد من العرب! فقال عروة: خذ فرسك راشدًا؛ فقال: ما كنت لآخذه منك وعندي من نسله جماعة خيل، فخذه مبارك لك فيه".
"وخرج عروة مرة مع أصحاب له حتى أتوا ماء، فنزل وكنف عليهم كنيفًا من الشجر، وفي ذلك يقول:
تنالوا الغنى أو تبلغوا بنفوسكم ... إلى مستراح من عناء مبرح
ومن يك مثلي ذا عيال ومقترًا ... من المال يطرح نفسه كل مطرح