مِنْ مَآخِذَ مِنْ مَنْعِ الْقِرَاءَةِ بِالشَّاذِّ، وَقَضِيَّةُ ابْنِ شَنَبُوذَ فِي مَنْعِهِ مِنَ الْقِرَاءَةِ بِهِ مَعْرُوفَةٌ وَقِصَّتُهُ فِي ذَلِكَ مَشْهُورَةٌ ذَكَرْنَاهَا فِي كِتَابِ الطَّبَقَاتِ، وَأَمَّا إِطْلَاقُ مَنْ لَا يَعْلَمُ عَلَى مَا لَمْ يَكُنْ عَنِ السَّبْعَةِ الْقُرَّاءِ، أَوْ مَا لَمْ يَكُنْ فِي هَذِهِ الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ كَالشَّاطِبِيَّةِ وَالتَّيْسِيرِ أَنَّهُ شَاذٌّ، فَإِنَّهُ اصْطِلَاحٌ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ حَقِيقَةَ مَا يَقُولُ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَمِثَالُ (الْقِسْمِ الثَّالِثِ) مِمَّا نَقَلَهُ غَيْرُ ثِقَةٍ كَثِيرٌ مِمَّا فِي كُتُبِ الشَّوَاذِّ مِمَّا غَالِبُ إِسْنَادِهِ ضَعِيفٌ كَقِرَاءَةِ ابْنِ السَّمَيْفَعِ وَأَبِي السَّمَّالِ وَغَيْرِهِمَا فِي نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ (نُنَحِّيكَ): بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً بِفَتْحِ سُكُونِ اللَّامِ، وَكَالْقِرَاءَةِ الْمَنْسُوبَةِ إِلَى الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ الَّتِي جَمَعَهَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخُزَاعِيُّ وَنَقَلَهَا عَنْهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ وَغَيْرُهُ، فَإِنَّهَا لَا أَصْلَ لَهَا، قَالَ أَبُو الْعَلَاءِ الْوَاسِطِيُّ: إِنَّ الْخُزَاعِيَّ وَضَعَ كِتَابًا فِي الْحُرُوفِ نَسَبَهُ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ فَأَخَذْتُ خَطَّ الدَّارَقُطْنِيِّ وَجَمَاعَةٍ أَنَّ الْكِتَابَ مَوْضُوعٌ لَا أَصْلَ لَهُ.
(قُلْتُ): وَقَدْ رُوِّيتُ الْكِتَابَ الْمَذْكُورَ وَمِنْهُ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ بِرَفْعِ الْهَاءِ وَنَصْبِ الْهَمْزَةِ، وَقَدْ رَاجَ ذَلِكَ عَلَى أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ وَنَسَبَهَا إِلَيْهِ وَتَكَلَّفَ تَوْجِيهَهَا، وَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَبَرِيءٌ مِنْهَا، وَمِثَالُ مَا نَقَلَهُ ثِقَةٌ وَلَا وَجْهَ لَهُ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَلَا يَصْدُرُ مِثْلُ هَذَا إِلَّا عَلَى وَجْهِ السَّهْوِ وَالْغَلَطِ وَعَدَمِ الضَّبْطِ وَيَعْرِفُهُ الْأَئِمَّةُ الْمُحَقِّقُونَ وَالْحُفَّاظُ الضَّابِطُونَ وَهُوَ قَلِيلٌ جِدًّا، بَلْ لَا يَكَادُ يُوجَدُ، وَقَدْ جَعَلَ بَعْضُهُمْ مِنْهُ رِوَايَةَ خَارِجَةَ عَنْ نَافِعٍ (مَعَائِشَ) بِالْهَمْزِ، وَمَا رَوَاهُ ابْنُ بِكَّارٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ يَحْيَى عَنِ ابْنِ عَامِرٍ مِنْ فَتْحِ يَاءِ (أَدْرِيَ أَقَرِيبٌ) مَعَ إِثْبَاتِ الْهَمْزَةِ، وَهِيَ رِوَايَةُ زَيْدٍ وَأَبِي حَاتِمٍ عَنْ يَعْقُوبَ، وَمَا رَوَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الْعَطَّارُ عَنِ الْعَبَّاسِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو (سَاحِرَانِ تَظَّاهَرَا) بِتَشْدِيدِ الظَّاءِ، وَالنَّظَرُ فِي ذَلِكَ لَا يَخْفَى، وَيَدْخُلُ فِي هَذَيْنَ الْقِسْمَيْنِ مَا يَذْكُرُهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ شُرَّاحِ الشَّاطِبِيَّةِ فِي وَقْفِ حَمْزَةَ عَلَى نَحْوِ (أَسْمَايِهِمْ) وَ(أُولَيِكَ) بِيَاءٍ خَالِصَةٍ، وَنَحْوِ (شُرَكَاوُهُمْ) وَ(أَحِبَّاوُهُ) بِوَاوٍ خَالِصَةٍ، وَنَحْوِ (بَدَاكُمْ) وَ(اخَاهُ) بِأَلِفٍ خَالِصَةٍ، وَنَحْوِ (رَاى: رَا، وَتَرَاى: تَرَا، وَاشْمَازَّتْ: اشْمَزَّتْ، وَفَادَّارَاتُمْ: فَادَّارَتُّمْ) بِالْحَذْفِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مِمَّا يُسَمُّونَهُ التَّخْفِيفَ الرَّسْمِيَّ وَلَا يَجُوزُ فِي وَجْهٍ
1 / 16