قدرته على ذلك، وقيل يجوز تكليف الغافل والملجأ بناء على جواز التكليف بالمحال، وكذا يمتنع تكليف المكره وهو من لا مندوحه له عما أكره عليه إلا بالصبر على ما أكره به يمتنع تكليفه بالمكره عليه أو بمقابله على الصواب لعدم قدرته على الامتثال فإن الفعل للإكراه لا يحصل به الامتثال ولا يمكن الإتيان معه بنقيضه.
والمراد بالمكره الذي لا اختيار له بل صار مضطرًا وأما من له اختيار وتتحرك دواعيه فمذهب أهل الحق فيه إنه مكلف بالمأمورات والمنهيات. وأجازت المعتزلة أن يكره على فعل المنهي عنه ومنعوا أن يكره على فعل العبادات؟ وأما حكاية إمام الحرمين وغيره الإجماع على تكليف المكره بنقيض القتل فمحموله على التكليف من حيث إيثاره نفسه على المقتول بالبقاء على مكافئة الذي خيره بينهما المكره بقوله اقتل هذا وإلا قتلتك. فيأثم بالقتل من جهة الإيثار لا من جهة الإكراه.
وقولنا: لإيثاره نفسه بالبقاء هو هكذا في عبارة المحلي، وتعقبه في الآيات البينات بما نصه (هذا لا يأتي إذا كان المكره به غير القتل كالقطع إذ لا يتحقق الإيثار بالبقاء إلا إذا كان المكره به مفوتًا لنفسه إلا أن يجاب إن هذا مفهوم بالأولى). وفيه أيضًا ما نصه (ربما يقال في غير المكافي يكلف بالمكره عليه ارتكابًا لأخف الضررين هذا إذا كان المقتول غير مكافي للمكره وإما إذا كان المكره مكافئًا للمقتول فعلى قياس ذلك ربما يقال يكلف بنقيض المكره عليه صابرًا على العقوبة ارتكابًا لأخف الضررين لأن قتل المكره أخف لأن المأمور بقتله أعظم حرمة) بقى إن هذا كله واضح إذا كان كل من المكره به والمكره عليه القتل إما إذا كان المكره عليه القتل والمكره به القطع مثلًا فلا يظهر هذا التوجيه. قال ابن العربي: والمشهور قتل المكره بفتح الراء وكسرها. حلولوا: ولعله فيمن يصح منه الإكراه كالسلطان والسيد لا مطلقًا ويشترط مع العلم والقدرة شروط أخرى يختص بكل عبادة شروط منها. والامتثال: هو افتعال من مثل بوزن ضرب أي قام وانتصب فمعناه القيام والانتصاب للإتيان بالمأمور به أو من المثل بمعنى الشبه فمعناه على هذا: الإتيان بمثل المأمور به، والمندوحة: السعة كالمنتدح من ندحت الشيء إذا وسعته.
1 / 32