إلزام ما فيه كلفة أو طلبه لا يفيد فرعًا من الفروع لعدم بناء حكم عليه قال أبو إسحاق الشاطبي فليست من أصول الفقه ولا عونًا فيه وكل ما كان كذلك فلا ينبغي ذكره في الفن.
قوله فلا تضق .. الخ، الذرع بفتح الذال المعجمة تمييز محول عن الفاعل يقال ضاق به ذرعًا ضعفت طاقته ولم يجد من المكروه فيه مخلصًا.
والحكم ما به يجيء الشرع ... وأصل كل ما يضر المنع
يعني: إن الحكم التنجيزي هو ما جاء به الشرع أي البعثة فلا حكم تنجيزيا يتعلق بنا قبل البعثة لأحد من الرسل. والدليل على انتفاء وجوده انتفاء لازمه من الثواب والعقاب بقوله تعالى «وما كنا معذبي حتى نبعث رسولا» ولا مثيبين ولا فرق بين الحكم الأصلي والفرعي فاستغنى في الآية عن ذكر الثواب بذكر مقابله الذي هو العذاب الذي هو أظهر في تحقيق معنى التكليف لأن العقاب لا يكون إلا على شيء ملزم من فعل أو ترك والثواب يكون على ذلك تارة وعلى غيره.
وحكمت المعتزلة العقل حيث جعلوه طريقًا إلى العلم بالحكم الشرعي يمكن إدراكه به من غير ورود سمع فالحكم الشرعي عندهم تابع للمصالح والمفاسد، فما كان حسنا عقلًا جوزه الشرع وما كان قبيحًا عقلًا منعه، ولهذا يقولون: إنه مؤكد لحكم العقل فيما أدركه من حسن الأشياء وقبحها.
والحق عندنا أن الحسن ما حسنه والقبيح ما قبحه، وإنما قيدنا الحكم بالتنجيزي لأن الحكم الذي هو خطاب الله تعالى قديم وإنما الحادث التعلق التنجيزي عند وجود المكلف بصفة التكليف، وأما بعد مجيء الشرع إذا تعارضت الأدلة أو عدمت ولم يظهر لنا نص في شيء بخصوصه فالحكم الأصلي في الأشياء قبل عروض ما تخرج لأجله عن ذلك الأصل المنع كراهة أو تحريمًا في الضار على قدر رتبته في المضرة كأكل التراب وشرب تبعة وشمها لقوله ﷺ (لا ضرر ولا ضرار) أي في ديننا.
1 / 26