Asalin 'Yancin Dan Adam: Waiwaye Kan Tarihi
نشأة حقوق الإنسان: لمحة تاريخية
Nau'ikan
على عكس البروتستانت الذين عاشوا قبل «مرسوم التسامح» الصادر عام 1787، لم يتعرض اليهود الفرنسيون لأي عقوبات بسبب مجاهرتهم بدينهم، لكنهم نعموا بالقليل من الحقوق المدنية ولم يذوقوا طعم الحقوق السياسية. في الواقع، كانت مسألة انتماء اليهود إلى فرنسا موضع تساؤل. إن الكالفينيين فرنسيون ضلوا الطريق باعتناق الهرطقة، في حين أن اليهود غرباء في الأصل شكلوا أمة منفصلة داخل فرنسا . من ثم كان اليهود الألزاسيون معروفين رسميا باسم «أمة الألزاس اليهودية»، غير أن اللفظة «أمة» كان لها معنى أقل وطنية في ذلك الحين عن معناها اللاحق في القرنين التاسع عشر والعشرين. وعلى غرار معظم اليهود في فرنسا، شكل اليهود الألزاسيون أمة، لدرجة أنهم عاشوا داخل مجتمع يهودي تحدد حقوقه وواجباته بموجب خطابات امتياز خاصة صادرة من الملك، وكانوا ينعمون بحق إدارة بعض شئونهم الخاصة، بل والبت في القضايا في محاكمهم الخاصة؛ غير أنهم عانوا أيضا من مجموعة متنوعة من القيود المفروضة على أنواع التجارة التي يمكنهم مزاولتها، والأماكن التي يمكنهم العيش فيها، والمهن التي يمكن أن يتطلعوا إليها.
9
كان كتاب عصر النهضة قد كتبوا مرارا وتكرارا عن اليهود، ولم تكن كتاباتهم إيجابية دائما، وبعد منح الحقوق المدنية للبروتستانت عام 1787، تحولت الأنظار شطر تحسين وضع اليهود. شكل الملك لويس السادس عشر لجنة لدراسة القضية في عام 1788، أي بعد فوات الأوان على اتخاذ أي إجراءات قبل اندلاع الثورة. ومع أن مسألة الحقوق السياسية لليهود حظيت بمرتبة أقل من حقوق البروتستانت من حيث إمكانية تصورها وتحقيقها، فإن اليهود استفادوا في نهاية الأمر من التفات الأنظار إليهم. غير أن النقاش الصريح لم يتحول فورا إلى حقوق ممنوحة. تحررت سبع وثلاثمائة قائمة تظلم في ربيع 1789 تذكر اليهود صراحة، غير أن الآراء حولها انقسمت انقساما حادا بين مؤيد ومعارض. دعا سبعون بالمائة من الآراء بقوة إلى تحديد عدد اليهود المسموح بوجودهم في فرنسا، وتسعة بالمائة أيدت طردهم، بينما دعا نحو تسعة إلى عشرة بالمائة فقط إلى تحسين ظروفهم. ومن دون الآلاف من قوائم التظلم، أيدت ثماني قوائم فحسب منح حقوق متساوية لليهود. ومع ذلك كان هذا الرقم أكبر من القوائم التي طالبت بنفس الحق للمرأة.
10
يبدو أن حقوق اليهود تتفق مع القاعدة العامة التي تقول إن الجهود الأولى لإثارة قضية الحقوق تأتي غالبا بنتائج عكسية. فموقف قوائم التظلم السلبي إلى حد كبير أذن برفض النواب منح الحقوق السياسية لليهود في ديسمبر عام 1789، غير أنه على مدار العشرين شهرا التالية، دفع منطق الحقوق النقاش إلى الأمام. وبعد مرور شهر واحد فحسب من إرجاء مناقشة حقوق اليهود، قدم اليهود الإسبانيون والبرتغاليون القاطنون في جنوب فرنسا عريضة إلى الجمعية الوطنية يدعون فيها أنهم كانوا، على غرار البروتستانت، يشاركون بالفعل في السياسة في بعض مدن جنوب فرنسا مثل مدينة بوردو. وقام الأسقف الكاثوليكي تشارلز موريس دي تاليران بريجور، بالإنابة عن اللجنة المعنية بوضع الدستور، بالتصديق على وضعهم؛ فقد أكد على أن اليهود لم يكونوا يطالبون بحقوق مواطنة جديدة، إنما يطالبون فقط «بالاستمرار في التمتع بهذه الحقوق»؛ لأنهم كانوا يمارسونها بالفعل شأنهم شأن البروتستانت. وعليه، منحت الجمعية الحقوق لبعض اليهود دون تغيير وضع اليهود بصفة عامة. وبهذه الطريقة، أمكن تحويل حجة الممارسة العملية الفعلية ضد أولئك الذين رغبوا في التمييز الفئوي.
11
أثار حديث تاليران سخطا عنيفا، لا سيما وسط نواب منطقة ألزاس-لورين، التي كانت تأوي أكبر عدد من السكان اليهود. وكان يهود شرقي فرنسا هم يهود أشكيناز الذين يتحدثون اللغة اليديشية. كان الرجال يعفون اللحية، على خلاف اليهود السفارديم القاطنين في بوردو، وقد قصرت عليهم القوانين الفرنسية إلى حد كبير امتهان مهن الربا والبيع المتجول. ولم يكن هناك الكثير من الود بينهم وبين الفلاحين المدينين لهم. وعليه، لم يتوان نواب هذه المنطقة عن توضيح العواقب الوخيمة الحتمية المترتبة على اتباع مبادرة تاليران: «إن الاستثناء الممنوح لليهود القاطنين في بوردو [أغلبهم من يهود السفارديم] سرعان ما سينتج عنه منح نفس الاستثناء لليهود الآخرين في أنحاء المملكة.» غير أنه وسط الاعتراضات العنيفة، صوت ثلاثمائة وأربعة وسبعون نائبا مقابل مائتين وأربعة وعشرين نائبا بأن «كل اليهود المعروفين كيهود برتغاليين، وإسبانيين، وأفينيونيين سوف يستمرون في ممارسة الحقوق التي كانوا يمارسونها حتى الوقت الحاضر» وعليه سوف «يمارسون حقوق المواطنين الفاعلين ما داموا يستوفون الشروط المنصوص عليها في مراسيم الجمعية الوطنية [المتعلقة بالمواطنة الفعالة]».
12
أدى التصويت لصالح منح الحقوق لبعض اليهود إلى أن أصبح رفض منحها للبعض الآخر أكثر صعوبة على المدى الطويل؛ ففي السابع والعشرين من سبتمبر عام 1791، ألغت الجمعية كافة التحفظات والاستثناءات السابقة فيما يتعلق باليهود، ومن ثم منحتهم جميعا حقوقا متساوية، وقد طلبت أيضا أن يحلف اليهود بالقسم المدني متنازلين عن الامتيازات الخاصة والإعفاءات الممنوحة لهم من الحكومة الملكية. يقول كليرمونت تونير: «لا بد أن نرفض كل شيء لليهود باعتبارهم أمة ونقر بكل شيء لليهود بصفتهم أفرادا.» وكمقابل لتخليهم عن محاكمهم وقوانينهم الخاصة، سيصبحون مواطنين فرنسيين أفرادا شأنهم شأن الجميع. وهكذا عملت النظرية والممارسة العملية معا مرة أخرى في علاقة ديناميكية تتسم بالفعالية. فبدون النظرية، بمعنى المبادئ المنصوص عليها في الإعلان، ما كانت الإشارة إلى بعض اليهود الذين يمارسون هذه الحقوق بالفعل لتحدث أثرا؛ وبدون الإشارة إلى الممارسة العملية، فلربما ظلت النظرية مجرد وثيقة ميتة (كما كان حالها فيما يتعلق بحقوق المرأة).
13
Shafi da ba'a sani ba