ولقد وجهت مقالي هذا إلى جامعة السيدات ولي أمل كبير بهذه الجامعة - حقق الله آمالي - وما قلته أعلاه لهن ليس بالجديد؛ فقد فهمن قبلي ضرر السياسة وفي قانونهن بند يقول: إن الجامعة تسعى لرفع المرأة وتحسين حال العائلة.
أما الذي أقوله الآن فهو هذا: النساء هن نصف العالم، وعليهن نصف العمل، ولقد تألفت قبل الآن جمعيات كثيرة في بلادنا، ورأينا عدم فائدة أكثرها، وقلة فائدة بعضها.
ذلك لأن أعمالنا تقوم بالكلام، والكلام لا تقوم به الأمم. منذ عشر سنوات ونحن نحضر الحفلات الخطابية، ونسمع القصائد، فلم نتقدم كثيرا في طريق التجدد الفعلي. فعلى الجامعة الآن أن تأتينا بالأعمال السريعة لنشعر بالتحسين السريع، ولا يمكن للجامعة أن تأتي بالأعمال بدون أن تكون قوية الجانب، مسموعة الكلمة، فلا قوة للجامعة بدون المال، ولا كلمة مسموعة لها إلا إذا انتشرت غايتها في كل حي من أحياء المدينة.
أفهم بلفظة الجامعة حلقة قوية تضم السيدات في بيروت، أو نقابات تمثل سيدات بيروت، وأود لو وجد في جامعة السيدات لجنة خاصة قوامها أعضاء من كل الجمعيات النسائية والمدارس النسائية في بيروت، كجمعية زهرة الإحسان، وجمعيات السل، وجمعية مستشفى القديس جاورجيوس، وجمعية الأعمال الخيرية للفتيات المسلمات، ومدرسة تهذيب الفتاة، والمدرسة السورية الأهلية إلخ.
لو وجدت هذه اللجنة التي هي عبارة عن نقابات نسائية قوية لقوي شأن الجامعة وشأن النساء في بيروت، وقدرن في وقت قصير أن يعملن أعمالا كثيرة تعود بالخير على الأمة.
وربما يقول البعض: وماذا تفعل نقابات النساء؟ فأجيب: إن هذه النقابات تمثل عددا عظيما من نساء البلد، وللكثرة تأثير لا يمكن أن يناله الفرد، فيمكن للجنة النقابات - مثلا - أن تدرس مدة من الزمن نظامات التعليم في مدارس بيروت كلها، وترفع بعد درسها تقريرا لمن بيدهم الحل والربط، فتبين وجه الخطأ في نظام، ووجه الصواب في غيره.
ويمكن للنساء أن يهتممن بأمور الصحة، فيدرسنها درسا وافيا، وينشرن النشرات الأسبوعية أو الشهرية، ويرفعن التقارير إلى البلدية وإلى مديرية الصحة. وهذه المراجع تعرف معنى تعب السيدات وتعير كلامهن التفاتا، وكلام السيدات أفعل من كل ما تكتبه الجرائد.
وكذلك يمكنهن أيضا أن يهتممن بهمل الأيتام، وبصغار المتشردين، فرجال الحكومة لا يردون طلب السيدات إذا هن أبدين رغبتهن بإيجاد محلات جديدة للصغار وإصلاح المحلات القديمة.
إن أسباب التسلية والرياضة للأولاد مفقودة تماما، ففي أوروبا يذهب الولد مرة في الأسبوع إلى محل السينماتوغراف، فيرى على الستار صور وقائع وأمور تاريخية لو أراد أن يتعلمها في كتاب لقضى شهرين في درسها. فلو طلبت عائلة واحدة من العيال البيروتية إلى إدارة السينما أن تستجلب لها الصور التاريخية لأجل تسلية الأولاد لما أجابت الإدارة لها طلبا، ولكن إذا رفع تقرير إلى تلك الإدارة موقعا من عشرين جمعية نسائية لبادرت الإدارة حالا وأحضرت صورا خصوصية للأولاد فيها التسلية والأدب والفائدة.
وأي شيء لا يعملنه سيداتي الناهضات لو قصدن إليه؟ إن صوت المرأة من صوت الله، وما تريده المرأة يريده الله، فإلى الأمام يا سيدتي في توسيع الجامعة وتوسيع غايتها - حفظكن الله.
Shafi da ba'a sani ba