202

وصاحب لي بطنة كالهلوية * كأن في امعائه معاوية وقد ذكر المؤرخون ان معاوية يجمع على مائدته سبعين صنفا من الطعام يقول انصار معاوية ان معاوية لحليم حاذق وان الحلم لخلة شريفة ومنقبة عظيمة وان الحذق لسجية محمودة تناقلوا ذلك في اسفارهم وتمثلوا به في اخبارهم واشعارهم وربما جر بعضهم قصوره عن ادراك الحقائق إلى الزعم بأن معاوية كان اصح فكرا وابعد غورا وادق ادراكا من علي عليه السلام وربما ظن ذلك البعض بنفسه حيث عرف ذلك واستخرجه من ماجرياتهما وسببرتهما انه من الخاصة اهل التحقيق والانصاف والتمييز مع ان الامر بخلاف ذلك والقائل به عامي يقول ببادي الرأي ويستعجل في الحكم على القضايا قبل الفحص التام عن اسبابها وموانعها ومقتضياتها وتمحيصها للحكم عليها ولعمري انه لاجدر بما قيل. ما انت بالحكم الترضى حكومته * ولا الاصيل ولاذى الرأي والجدل ولو تتبع تلك القضايا وعرفها حق المعرفة لادرك ان حلم معاوية انما هو خبث وحيلة ونفاق ومراوغة وايضاح هذا الامر وبيانه يقتضي التمهيد له بذكر ما كان من التفاوت بين حال علي عليه السلام في سيرته وبين حال معاوية ومن يشاركه في ارائه كعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وذلك ان عليا كرم الله وجهه كان لا يستعمل في حروبه وسائر افعاله الا ما يوافق الكتاب والسنة ملازما في جميع حركاته قوانين الشريعة مدفوعا إلى اتباعها رافضا ما كان يستعمله المشركون في الجاهلية والبغاة القاسطون في الاسلام في حروبهم من المكر المحظو والخبث والدهاء والغدر والحيلة والتغرير بالاجتهاد في مقابلة المنصوص وتخصيص العمومات بالآراء لتوافق الهوى وغير ذلك مما لاترخص فيه الشريعة ولا يرضاه الله ولا رسوله فكان كرم الله وجهه يقول لاصحابه لا تبدأوهم بالقتال حتى يبدأوكم ولا تفتحموا بابا

--- [ 204 ]

Shafi 203