الصدِّيق أن يخرج بنفسه لقتال المرتدِّين، فوقف له عليٌّ، وأخذ بزمام فرسه، وقال له: «إلى أين يا خليفة رسول الله ﷺ؟ أقول لك ما قال رسول الله ﷺ يوم أحد: «شم سيفك، ولا تفجعنا بنفسك». وارجع إلى المدينة، فوالله لئن فجعنا بك لا يكون للإسلام نظام أبدا». فرجع، وأمضى الجيش (^١).
وكان عليٌّ يعرف لأبي بكر فضله، فيقدِّمه على نفسه، وهذا بصريح قوله لا بقول أحد غيره، ومن ذلك: أن ابنه محمد بن الحنفية قال له يوما: يا أبت، أيُّ الناس خيرٌ بعد رسول الله ﷺ؟ قال: «أبو بكر»، قُلتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قال: «ثُمَّ عمر»، وخشيتُ أن يقول عثمان، قُلتُ: ثُمَّ أنت؟ قال: «ما أنا
إلا رجل من المسلمين» (^٢).
وفي المقابل: كان أبو بكر يعرف لعلي ولآل البيت فضلهم، فينزلهم منزلتهم، ويقدرهم قدرهم، ومن ذلك: أن أبا بكر ﵁ صلَّى
(^١) أخرجه الدارقطني من حديث ابن عمر، والساجي من حديث عائشة؛ كما في البداية والنهاية (٩/ ٤٦٦). وإسناده صحيح.
(^٢) أخرجه البخاري (كتاب المناقب، باب قول النبي ﷺ: «لو كنت متخذا خليلا»، رقم ٣٦٧١).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (٧/ ٣٨٥) عن هذا الحديث: أنه مما استفاض وتواتر عن عليّ، وتوعَّد عليٌ بجلد المفتري من يفضله عليه - أي: على أبي بكر -.ا. هـ