غالب يوم حربه مع ابن أبي عامر وقد أشفى على الظفر . [ قال أبو محمد ( 1 ) : فحدثني وهزني الوزير والدي نضر الله وجهه قال : كان المنصور بن أبي عامر في القلب وجعفر بن علي المعروف بالزابي في الميمنة قال : وأبوك [ و ] أبو الأحوص معن بن عبد العزيز التجيبي والحسن بن عبد الودود السلمي في الميسرة ( 2 ) . قال : وكأني أنظر إلى غالب وهو شيخ كبير قد قارب الثمانين عاما وهو على فرسه وفي رأسه طرطور عال ، وقد عصب حاجبيه بعصابة ( 3 ) ، قال : ثم قال لمن حواليه ، وكان قد جمع جموعا عظيمة من المسلمين والنصارى : من هؤلاء وأشار إلى الميمنة ، فقيل له جعفر بن علي وأخوه يحيى والبربر ، قال : فحمل عليهم حملة قصفهم فيها قصفا ، لم يثبت منهم أحد على صاحبه واصطكت الهزيمة على الميمنة ، قال : ثم انصرف ، فقال : من هؤلاء وأشار إلى الميسرة ، فقيل له : أحمد بن حزم وحسن بن عبد الودود ومعن بن عبد العزيز ، قال فحمل علينا حملة فانفلقنا بين يديه ولم يلو أحد منا على صاحبه ، قال : وابن أبي عامر في القلب يصفق بيديه ، وتضطرب رجلاه في ركائبه ، وقد أيقن بالهلاك ، قال : فانصرف غالب إلى اصحابه ، فقال لهم : قد هزمنا الميمنة والميسرة ، وإنما بقي لنا القلب وحده ، وفيه هذا الأحدب الملعون ، يريد ابن أبي عامر ، فالآن نحمل عليه ونهلكه ، وكان في أول الحرب قد دعا ، وقال : اللهم إن كنت أصلح للمسلمين من ابن أبي عامر فانصرني وإن كان هو أصلح لهم مني فانصره ( 4 ) ، قال : ثم همز فرسه ، وترك جهة القتال ، وأخذ ناحية إلى خندق كان في جانب عسكره ، فظن أصحابه أنه يريد الخلاء ، فلم يتبعه أحد ، فلما أبطأ عليهم ركبت طائفة منهم نحوه ، فوجدوه قد سقط إلى الأرض ميتا ، وقد فارق الدنيا بلا ضربة ولا طعنة ولا رمية ولا أثر ، وفرسه واقف بناحية يعلك لجامه ، ولا يعلم أحد بسبب موته ، إلا أن الناس ظنوا ظنا وهو أن القربوس ضرب صدر هذا الذي رز [ ئ ] من قدر . فلما رأى ذلك أصحابه سقط في أيديهم وطلبوا حظ أنفسهم . فبادر مبادر منهم بالبشرى إلى ابن أبي عامر ، فلم يصدق حتى وافى مواف بخاتمه ، ووافاه آخر بيده ، ووافاه آخر برأسه ، ووقعت الهزيمة على النصارى ، وكان غالب قد استمد لملوكهم فقتلوا أشنع قتل ، وقتل في جملتهم رذمير بن شانجة ملك البشاكس المعروف براي قرجه ( 1 ) وسلخ جلد غالب وحشي قطنا وصلب على باب القصر بقرطبة ، وصلب رأسه على باب الزاهرة ] . [ قال أبو [ محمد ] : فأنا أدركته بها إلى أن أهبط يوم هدم الزاهرة ، وكانت هذه الحرب التي هلك فيها غالب سنة إحدى وسبعين ] . -
- 77 - * من عظم أمره من الملتقطين الذين لا يعرف لهم أب (2) :
Shafi 95