فناخسرو بن الحسن ( 1 ) متولي الأمور ببغداد وأعمالها . أخبرني أبو الفتوح ثابت بن محمد الجرجاني قال ( 2 ) : أراد فناخسرو أن يتسمى بالخلافة وأوصى إلى الجعل الحسين بن علي البصري ( 3 ) أن يؤلف له كتابا في تخولة هذا الأمر في غير قريش واستكده ذلك جدا ، فألف الجعل هذا الكتاب ودفع نسخة منه إلى تلميذ له كان يثق به ، فانتشر الأمر من قبل ذلك التلميذ إلى أن بلغ الخبر إلى خراسان ، فصاحوا صيحة واحدة في مجالس الفقهاء وا إسلاماه وا محمداه ، فبلغ ذلك فناخسرو فقامت عليه الفتن وخشي إجلاب أهل خراسان كلهم عليه ، فكان هذا سببا لأن سم الجعل ، وقنع الناس بموت الجعل وسكن الأمر ] . [ والمنصور محمد بن أبي عامر أراد ذلك وجمع للمشورة فيه قوما من خواصه فيهم ابن عياش وابن فطيس وأبي ( 4 ) رحمه الله ، ومن الفقهاء محمد بن يبقى ابن زرب ( 5 ) وأبو عمر بن المكوي ( 6 ) والأصيلي ( 7 ) . فأما ابن عياش وابن فطيس فصوبا ذلك له ، وأما أبي رحمه الله فقال له : إني أخاف من هذا تحريك ساكن ، والأمور كلها بيدك ، ومثلك لا ينافس في هذا المعنى . وأما محمد بن يبقى بن زرب فإنه قال له : وصاحب الأمر ما شأنه فقال له : لا يصلح لهذا ، فقال له : يرى ويجرب ، فقال له : أفي مسائل الفقه تريد أن نسأله قال : لا ، ولكن في مسائل السياسة وتدبير المملكة ، قال : فإن لم يقم ، قال : ينظر في قريش . فأعرض عنه مغضبا ونظر إلى الأصيلي وإلى ابن المكوي ، فقال له الأصيلي : يا مولاي عربي ضابط خير من قرشي مضيع ، قال ، فنظر إلى ابن المكوي ، فجعل يضحك له ، ويقول : يا مولاي ومثلك يفكر في هذا وأنت الكل وكل شيء بيدك ، وإنما يرغب في الأسماء من لا يحقق ، والمدار على الحقيقة ، وهي بيدك . فسكت ابن أبي عامر ، وقاموا واحدا واحدا . فلما قام القاضي وسلم عليه قال : اخرجوا بين يدي الفقيه ، فعظم ذلك على ابن زرب ، وقال : لا بأس هذا ما لا تقدرون على عزلنا عنه ، ونهض إلى منزله ، فمات بعد أيام يسيرة جدا ] . وأبو تميم المعز بن باديس صاحب القيروان أراد ذلك فكره إليه الفقيه أبو عمران الفاسي ذلك ، وبين له أن النص لم يجوز الخلافة إلا في قريش ، فقال : إنك إنما تريد بهذا الشقاق والارتفاع عن المسالمة ، وهذا لا يتم لك ، لأنك إذا فتحت هذا الباب تسمى بها كل من أردت التفوق عليه من مصاقبيك وغيرهم ، فبطل ما اختصصت به ، وهان هذا الأمر ولم تفقد شيئا ، فسمع المعز له ، وترك ما أراد ] .
- 68 - * من قتل أباه من الخلفاء والمتغلبين :
Shafi 87