Daga Canja zuwa Halitta (Kashi na Biyu: Juyawar)
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (١)
Nau'ikan
أولا: العرض الجزئي
يعني العرض الجزئي عرض موضوع واحد عند أحد فلاسفة اليونان مع ذكر اسمه في العنوان في كتاب معين أو في موضوع محدد كنوع من التقديم والتعريف. وهو نوع من التأليف في الوافد عن طريق تبسيط موضوعاته ونصوصه حتى يسهل بعد ذلك تمثلها، وقد قام بذلك الفارابي.
ففي «الإبانة عن غرض أرسطوطاليس في كتاب ما بعد الطبيعة» للفارابي (339ه) وهو الذي قرأه ابن سينا ففهمه بعد أن قرأ الترجمة العربية للنص اليوناني أربعين مرة فلم يفهمه، مما يدل على قدرة الفارابي على العرض الواضح.
1
ولا يبدأ العرض بفعل القول ومشتقاته؛ فهذه مرحلة قد ولت، مرحلة الشرح والتلخيص والجوامع، ولكنه يتوجه إلى القصد مباشرة قصد أرسطو وقصد الفارابي حتى يتحد القصدان. والقصد هو غرض أرسطو في الكتاب أي العلة الغائية وهي التي لها الأولوية على باقي العلل الصورية، الشكل اللغوي، والمادية (مضمون الفكر وطرق الاستدلال) والفاعلة أي المؤلف نفسه. يتعامل الفارابي هنا مع العمل دون تشخيصه في صاحبه. فالعمل مستقل عن المؤلف ينتمي إلى تاريخ الحضارة الذي يعبر عن تطور الفكر البشري. فالقصد - أي الغاية - يأتي قبل الأقسام أي المادة والمضمون. ولا يكفي في ذلك الغرض الكلي للكتاب كله بل يمكن أن ينقسم إلى أغراض جزئية، غرض كل مقالة على حدة ومجموع الأغراض الجزئية تصب كلها في الغرض الكلي.
والتوجه نحو القصد والغاية والغرض ليس توجها نظريا خالصا منفصلا عن الزمان والمكان وإنما تصحيح لوهم كثير من الناس أن مضمون الكتاب مضمون ديني، يتعرض للبحث في الباري «سبحانه وتعالى»، والعقل والنفس وسائر ما يناسبها، وأن علم ما بعد الطبيعة وعلم التوحيد علم واحد. وهو غير صحيح، ولا ينطبق إلا على المقالة الحادية عشرة وهي مقالة اللام. ومما أوقع في هذا اللبس ترجمة «علم ما بعد الطبيعة» أحيانا بلفظ «الإلهيات» في قسمة الحكمة إلى منطق وطبيعيات وإلهيات كما وضح ذلك في قسمة «الشفاء» و«النجاة» و«الإشارات والتنبيهات» لابن سينا.
2
ويعرض الفارابي الكتاب لحل هذا الإشكال من أجل التمييز بين علم ما بعد الطبيعة وعلم التوحيد، ابتداء من تصنيف العلوم، وهو مدخل رئيسي في فلسفته كما عرض في «إحصاء العلوم»؛ فالعلوم قسمان جزئية وكلية. الجزئية تتعرض لبعض الموجودات على حدة مثل علم الطبيعة للطبيعة، والهندسة للمقادير، والحساب للعدد، والطب للأبدان. والكلية هي التي تنظر في جميع الموجودات والمبادئ المشتركة بينها مثل الوحدة والكثرة، والتقدم والتأخر، والقوة والفعل، والتام والناقص، وما يجمعها جميعا وهو ما يسمى باسم الله جل جلاله. وهو علم واحد وإلا لكان علما جزئيا؛ ومن ثم يدخل علم البارئ باعتباره علما كليا في علم ما بعد الطبيعة باعتباره أيضا علما كليا في علم واحد، علم الوجود المطلق. وبما أنه علم أعلى من الطبيعة وفوقها فإنه يسمى علم ما بعد الطبيعة. والعلم التعاليمي أكثر تجريدا من علم ما بعد الطبيعة ولكنه لا يدخل فيه. فموضوعاته ليست طبيعية ولا من علم ما بعد الطبيعة بل من صنع الوهم مثل النقطة والخط. فالمفارقة إما بالحقيقة مثل علم ما بعد الطبيعة أو بالوهم مثل العلم التعاليمي.
3
وهو لا يتناقض مع الوهم بالتوحيد بين العلمين كما هو الحال عند بعض الشراح؛ فالعلم الإلهي داخل في علم ما بعد الطبيعة نظرا لأنه يتعرض للباري كأحد التصورات التي تجمع بين الموجودات مثل المحرك الأول والعلة الأولى والوجود المطلق. فالعلم الإلهي أحد أشكال علم ما بعد الطبيعة دون أن يتوحد العلمان.
Shafi da ba'a sani ba