Naƙuda Littafin Musulunci da Asalin Mulki
نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم
Nau'ikan
يقرر جمهور أهل العلم في شروط الخليفة أن يكون بالغا في العلم رتبة الاجتهاد، وأن يكون ذا رأي وخبرة بتدبير الحرب والسلم، وأن يكون شجاعا لا يرهب الموت الزؤام فما دونه، وأن يكون عادلا لا تأخذه في الحق لومة لائم. وتعرف مزية العدل باختبار سيرته فيما كان يتولاه من أعمال قبل منصب الخلافة، أو بما تدل عليه التجارب والمشاهدة الطويلة من استقامته، وشرف همته، وإنكاره ما يفعل الظالمون بغيرة وحماسة.
ومن الأسس التي تقوم عليها الخلافة الشرعية فريضة الشورى، بحيث لا يقدم الخليفة على أمر حتى يلقيه بين يدي أهل الحل والعقد، وتتناوله الآراء من كل جانب؛ ليتبين الرأي الراجح، ويذهب في سياسته على بينة وروية.
ولم يقف الإسلام عند تكليف الخليفة بإقامة فريضة الشورى، فأقبل على الأمة ووضع في عنقها واجب مراقبة الخليفة ورجال دولته؛ لتقويمهم إذا انحرفوا، وإيقاظ عزمهم إذا أهملوا.
تحققت تلك الشروط من علم وعدالة وشجاعة وحكمة رأي في بعض الخلفاء، وأخذوا أنفسهم بشريعة الشورى، وفتحوا باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في وجه الأمة بصدق وإخلاص، وكان بين يدي الأمة أعدل قانون أساسي؛ وهو كتاب الله، وأصدق بيان يفصل مجمله؛ وهو سنة رسول الله، فلا الخليفة يستبد فتأخذه العزة بالإثم، ولا الأمة ترهب سطوته فتحجم عن أمره ونهيه.
قال الإمام الغزالي: الخلفاء - رضي الله عنهم - يحبون الرد عليهم ولو كانوا على المنابر؛ فقد قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وهو يخطب: أيها الناس، من رأى منكم في اعوجاجا فليقومه، فقام له رجل وقال: والله لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بسيوفنا، فقال: الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من يقوم اعوجاج عمر بسيفه.
وليس في الشريعة ما يمنع الخليفة أن يفوض جانبا من شئون الأمة إلى وزير ذي علم ورأي وشجاعة وعدل؛ فيمنحه ما كان له من تدبير وتنفيذ، قال الماوردي في الأحكام
63
السلطانية عند البحث عن وزارة التفويض: «هي أن يستوزر الإمام من يفوض إليه تدبير الأمور برأيه، وإمضائها على اجتهاده، وليس يمتنع جواز هذه الوزارة، قال الله تعالى حكاية عن نبيه موسى عليه السلام:
واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري ، فإذا جاز ذلك في النبوة كان في الإمامة أجوز، ولأن ما وكل إلى الإمام من تدبير الأمة لا يقدر على مباشرة جميعه إلا باستنابة، ونيابة الوزير المشارك له في التدبير أصح في تنفيذ الأمور من تفرده بها.
ثم ذكر لهذه الوزارة شرطين؛ أحدهما: يختص بالوزير؛ وهو مطالعة الإمام بما أمضاه من تدبير، وأنفذه من ولاية وتقليد، والثاني: يختص بالإمام؛ وهو أن يتصفح أفعال الوزير وتدبيره الأمور ليقر منها ما وافق الصواب، ويستدرك ما خالفه.»
Shafi da ba'a sani ba