إن الجيش الذي أتركه في عهدتكم مؤلف جميعه من أبنائي فقد شاهدت علامات الإخلاص والتعلق بي على وجوههم حتى في أشد أيام محنتهم، فدعهم يسيرون في هذا السبيل، وسنقوم بهذه المهمة نحوهم نظرا للاعتبار الخاص الذي أكنه لك ونظرا لتعلقي الحقيقي بهم وسلام عليك.
بونابرت
وقع الخبر في مصر
دهش الناس في مصر من فرنسيين ومصريين حين وصل إلى القاهرة نبأ ارتحال بونابرت من مصر، فروى الجبرتي فقال:
وفي ثامن عشرينه «أي 28 ربيع الأول» ورد من بونابرته ساري عسكر الفرنساوية كتاب من الإسكندرية خطابا لأهل مصر وسكانها، فأحضر قائمقام دوجا الرؤساء المصرية وقرأ عليهم الكتاب، ومضمونه أنه سافر يوم الجمعة حادي عشرين الشهر المذكور إلى بلاد الفرنساوية لأجل راحة أهل مصر وتسليك البحر، فيغيب نحو ثلاثة أشهر، ويقدم مع عساكره ليصفو له ملك مصر ويقطع دابر المفسدين، وأن المولى على أهل مصر وعلى رياسة الفرنساوية جميعا هو كليبر، ساري عسكر دمياط.
ونحن لا نعلم ما إذا كان الجنرال دوجا قد اكتفى بقراءة خطاب نابوليون لأعضاء الديوان من المشايخ، أو أنه أمر بترجمته وطبعه ونشره؛ إذ لو فعل ذلك لجاز لنا أن نعتقد أن الجبرتي كان يحرص على نصه، كما أن المعلم نقولا لم يشر إليه مطلقا، وإن يكن قد حفظ لنا صورة الخطاب الذي وزع بإمضاء المشايخ، وهو ما لم يأت به الجبرتي على نصه، ولهذا فإننا نأتي على تعريب نص آخر خطاب بعث به نابوليون إلى أعضاء الديوان نقلا عن كتاب الكابتن لاجونكيير.
10
من القائد العام بونابرت إلى ديوان القاهرة المنتخب من خيرة الرجال وأوسعهم معرفة وأكثرهم حكمة:
القيادة العامة بالإسكندرية في 22 أغسطس سنة 1799
لما كنت عالما أن أسطولي على قدم الاستعداد، وأن جيشا كبيرا سيسافر، وكنت أعتقد كما قلت لكم مرارا بأنني إذا لم أضرب أعدائي ضربة شديدة أسحقهم بها فلا أستطيع أن أتمتع هادئا بامتلاك مصر التي هي أجمل بلاد الدنيا، فقد عولت على أن أكون على رأس أسطولي تاركا القيادة العامة أثناء غيابي للجنرال كليبر، وهو رجل ذو مزايا خاصة، وقد أوصيته أن يحفظ للمشايخ العلماء ما كنت أحفظه لهم من المحبة والود.
Shafi da ba'a sani ba