ترى من تقربه وتواسيه، وتهذبه وتراعيه، وتعلمه الأدب وتكفيه النوب، وتكون به ذا رأفة وإشفاق، وعليه ذا حنو وإنفاق، وتخرجه من الظلماء إلى الضياء، وترفعه من الحضيض إلى العلياء، وتعادي من أجله الأصحاب، والأقارب والأحباب؛ حرصا عليه من أهل الفساد، وأرباب الضلال والعناد؛ أملا أن يصير لك صديق، وعدة في كل شيء وضيق، فبعد تلك العطايا، والمواهب والهدايا، تراه كنقش على حيطان، أو رقص بين غيطان، وغمام بلا مطر، وأكمام بلا زهر، يقابل حسناتك بالسيئات، ويكلمك بلسانه وطرفه يرقب أصحاب الغايات، إن حدث كذب، وإن لمس خلب ، وإن لان هان، وإن استؤمن خان، وإن عوتب نافق، وإن استشير على ضرك وافق، وإن ظفر نهش، وإن قدر بطش، لا يراعي وداد، ولا يألف أحدا من العباد، إلا لغاية نفسية، أو منفعة ذاتية، لا يستقيم على حال، ويصدق فيه قول من قال:
أعلمه الرماية كل يوم
ولما اشتد ساعده رماني
وكم علمته نظم القوافي
فلما قال قافية هجاني
وهذا يا مولاي من يتصف بضد أوصافك الحسان، ويكون منافقا بالقلب واللسان، ومن الناس من يقابل الإحسان بالإحسان، ويكون صادقا إلى آخر الزمان، وإن أطعمته سقاك، وإن واسيته ودك ورعاك، وهذا أيها الحليم الفاخر، في هذا الزمان قليل ونادر، وعلى كل أيها الكامل، يجب على كل نبيه عاقل، أن ينفي صحبة الأنذال، ويتمسك بصحبة آل الكمال، ولله در من قال وأنذر، وطوبى لمن سمع وتفكر:
إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم
ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه
فكل قرين بالمقارن يقتدي
Shafi da ba'a sani ba