248

متسلسلة في ذلك إلى غير النهاية بل أمور تعرض من خارج أرضية وسماوية والأرضية تنتهي إلى السماوية واجتماع ذلك كله يوجب وجود الإرادة. وأما الاتفاق فهو حادث عن مصادمات هذه وإذا حللت الأمور كلها استندت إلى مبادئ وجودها ينزل من عند الله تعالى. والقضاء من الله سبحانه وتعالى هو الوضع الأول البسيط والتقدير هو ما يتوجه إليه القضاء على التدريج كأنه موجب اجتماعات من الأمور البسيطة التي تنسب من حيث هي بسيطة إلى القضاء والأمر الإلهي الأول ولو أمكن إنسان من الناس أن يعرف الحوادث التي في الأرض والسماء جميعا وطبائعها لفهم كيفية ما يحدث في المستقبل. وهذا المنجم القائل بالأحكام مع أن أوضاعه الأولى ومقدماته ليست تسند إلى برهان بل عسى أن يدعي فيها التجربة أو الوحي وربما حاول قياسات شعرية أو خطابية في إثباتها فإنه إنما يعول على دلائل جنس واحد من أسباب الكائنات وهي التي في السماء على أنه لا يضمن من عنده الإحاطة بجميع الأحوال التي في السماء. ولو ضمن لنا ذلك ووفى به لم يمكنه أن يجعلنا ونفسه بحيث نقف على وجود جميعها في كل وقت. وإن كان جميعها من حيث فعله وطبعه معلوما عندنا. وذلك مما لا يكفي أن تعلم أنه وجد أو لم يوجد وذلك لأنه لا يكفيك أن تعلم أن النار حارة مسخنة وفاعلة كذا وكذا في أن تعلم أنها سخنت ما لم تعلم أنها حصلت. وأي طريق في الحساب يعطينا المعرفة بكل حدث وبدعة في الفلك ولو أمكنه أن يجعلنا ونفسه بحيث نقف على وجود جميع ذلك تم لنا به الانتقال إلى المغيبات فإن الأمور المغيبة التي في طريق الحدوث إنما تتم بمخالطات بين الأمور السماوية التي تتسامح أننا حصلناها بكمال عللها وبين الأمور الأرضية المتقدمة واللاحقة فاعلها ومنفعلها وطبيعيها وإراديها. وليست تتم بالسماويات وحدها فما لم يحط بجميع الحاضر من الأمرين وموجب كل واحد منهما خصوصا ما كان متعلقا بالمغيب لم يتمكن من الانتقال إلى المغيب فليس لنا إذا اعتماد على أقوالهم وإن سلمنا متبرعين أن جميع ما يعطوننا من مقدماتهم الحكمية صادقة. وكيفية دعوة النبي إلى الله والمعاد ونقول الآن من المعلوم أن الإنسان يفارق سائر الحيوانات بأنه لا يحسن معيشته لو انفرد وحده شخصا واحدا يتولى تدبير أمره من غير شريك يعاونه على ضرورات حاجاته. وأنه لا بد أن يكون الإنسان مكفيا بآخر من نوعه يكون ذلك الآخر أيضا مكفيا به وبنظيره فيكون مثلا هذا

Shafi 248