227

ذاته فيكون ذاته منقسما بالمعنى. وقد منعنا هذا قبل وبينا فساده. فبين أن أول الموجودات عن العلة الأولى واحد بالعدد وذاته وماهيته موجودة لا في مادة فليس شيء من الأجسام ولا من الصور التي هي كمالات الأجسام معلولا قريبا له بل المعلول الأول عقل محض لأنه صورة لا في مادة وهو أول العقول المفارقة التي عددناها ويشبه أن يكون هو المبدأ المحرك للجرم الأقصى على سبيل التشويق. ولكن القائل أن يقول إنه لا يمتنع أن يكون الحادث عن الأول صورة مادية لكنها يلزم عنها وجود مادتها فنقول إن هذا يوجب أن تكون الأشياء التي بعد هذه الصورة وهذه المادة ثالثة في درجة المعلولات وأن يكون وجودها بتوسط المادة فتكون المادة سببا لوجود صور الأجسام الكثيرة في العالم وقواها وهذا محال إذ المادة وجودها أنها قابلة فقط وليست سببا لوجود شيء من الأشياء على غير سبيل القبول فإن كان شيء من المواد ليس هكذا. فليس هو مادة إلا باشتراك الاسم فيكون إن كان الشيء المفروض ثانيا ليس على صفه المادة إلا باشتراك الاسم فالمعلول الأول لا يكون نسبته إليه على أنه صورة في مادة إلا باشتراك الاسم فإن كان هذا الثاني من جهة توجد عنه هذه المادة ومن جهة أخرى توجد عنه صورة شيء آخر حتى لا تكون الصورة الأخرى موجودة بتوسط المادة كانت الصورة المادية تفعل فعلا لا يحتاج فيه إلى المادة وكل شيء يفعل فعله من غير أن يحتاج إلى المادة فذاته أولا غنية عن المادة فتكون الصورة المادية غنية عن المادة. وبالجملة فإن الصورة المادية وإن كانت على للمادة في أن تخرجها إلى الفعل وتكملها فإن للمادة تأثيرا في وجودها وهو تخصيصها وتعيينها وإن كان مبدأ الوجود من غير المادة كما قد علمت ستكون لا محالة كل واحد منهما علة للأخرى في شيء وليستا من جهة واحدة ولولا ذلك لاستحال أن يكون للصورة المادية تعلق بالمادة بوجه من الوجوه وكذلك قد سلف منا القول أن المادة لا يكفي في وجودها الصورة فقط بل الصورة كجزء العلة وإذا كان كذلك فليس يمكن أن نجعل الصورة من كل وجه علة للمادة مستغنية بنفسها. فبين أنه لا يجوز أن يكون المعلول الأول صورة مادية أصلا بل عقلا. وأنت تعلم أن ههنا عقولا ونفوسا مفارقة كثيرة فمحال أن يكون وجودها مستفادا بتوسط ما ليس له وجود مفارق لكنك تعلم أن في جملة الموجودات عن الأول أجساما إذ علمت أن كل جسم ممكن الوجود في حد نفسه وأنه يجب بغيره وعلمت أنه لا سبيل إلى أن تكون الواسطة واحدة محضة. فقد علمت أن الواحد من حيث هو واحد إنما يوجد عنه واحد فبالحري أن تكون الأجسام عن المبدعات الأولى بسبب

Shafi 227