أن يداخل بعده بعده وقد قيل إن ذلك محال وإما أن يتحرك بأن يغلبه إذا مانعه بالنفوذ فيه وقد قيل إن ذلك محال أيضا فإذا لا حركة في الخلاء وكذلك لا سكون فيه وأقول لا وجود للخلاء ولا لمقدار ليس في مادة لأنه إما أن يكون متناهيا وإما أن يكون غير متناه لكنه لا وجود لمقدار غير متناه وسيرد عليك استقصاء بيانه من بعده وقد يمكننا أن نوضح ذلك بمعالجة بيان فنقول لتكن حركة مستديرة في خلاء غير متناه إن أمكن أن يكون خلاء غير متناه وليكن الجسم المتحرك مثل كرة " ا ب ج د " المتحركة على مركزها ولنتوهم في الخلاء الغير متناه خط " ط ح " وليكن " ه ج " من المركز إلى جهة من المحيط لا يلاقي خط " ط ح " من جهة " ح " وإن أخرج بغير نهاية لكن الكرة إذا دارت صار هذا الخط بحيث يقاطعه ويجري عليه وينفصل عنه فيكون الالتقاء والانفصال بمسامتة نقطتين لا محالة وليكونا " ك " و " ل " ولكن نقطة " م " تسامت قبل نقطة " ك " ونقطة " ك " أول نقطة تسامت - هذا خلف لكن الحركة المستديرة موجودة في الخلاء ليس بلا نهاية والخلاء إن وجد كان مقدارا متناهيا وكل مقدار متناه فهو مشكل فإذا الخلاء مشكل ويكون شكله له إن وجد إما بما هو مقدار لسبب آخر ولكن لا يجوز أن يوجد شكل للمقدار بما هو مقدار وإلا لكان كل مقدارين على شكل واحد أي مقدارين كانا فإذا بسبب ما يتشكل وذلك السبب إما قوة في طبيعة أو قوة قسرية عن خارج فإن كانت قوة طبيعية فإما أن يكون طباع المقدار يقتضي أن يكون له مثل تلك القوة أو لا يقتضي فإن كان يقتضي فكل المقادير شكلها واحد فإذا تلك القوة ليس يقتضيها ذاته وكل ما كان كذلك أمكن أن يرفع عن الشيء فتلك القوة يمكن ظان يرفع عن المقدار المفارق أعني الخلاء فنترك ذلك الشكل ولكن لا يأتي أن يبقى بلا شكل فإذا يأخذ شكلا لا محالة فيكون قد تمدد واندفع عن هيئة إلى أخرى: وكلما كان كذلك فهو قابل للانفصال: وقد قيل ليس كذلك فإذا الخلاء ليس شكله بقوة طبيعية فيه فهو إذا عن خارج فهو إذا قابل للتمدد والتقطيع: وقد قيل ليس كذلك هذا خلف فإذا ليس له شكل أصلا: وقد قيل أن له شكلا ضرورة وهذا خلف والذي أوجبه وضعنا وجود الخلاء فإذا الخلاء غير موجود أصلا وهو كإسمه كما قال المعلم الأول ولنرجع الآن ونقول قد اتضح كل الاتضاح أن المكان لا هو هيولي الشيء ولا صورته وإنه لا خلاء البتة فإذا المكان شيء غير ذلك وهو شيء فيه الجسم فإما أن يكون على سبيل التداخل وإما ظان يكون على سبيل الاحاطة وقد اتضح مما ذكرنا إمتناع التداخل فإذا أقول من قال إن المكان هو الأبعاد التي بين غايات الجسم المحيط قول
Shafi 102