الناهية عن طعن أمير المؤمنين معاوية لعبد العزيز بن أحمد بن حامد الفرهاروي
Shafi da ba'a sani ba
- بسم الله الرحمن الرحيم -
نحمد الله على حسن الاعتقاد وحب النبي ﷺ وحب العترة والصحابة بالاقتصاد. صلى الله على سيدهم وعليهم، وبلغ منا السلام إليه وإليهم.
وبعد، فيا صاح، خذ الناهية عن طعن معاوية، واتبع الجماعة الناجية الراضية العالية، واهجر الفرقة الغالية الطاغية العافية، واترك الخطابيات الواهية الخالية الخاوية. وادع بالفلاح لعبد العزيز بن أحمد بن حامد بارك الله تعالى في مصنفاته وحفظها عن كل حاسد. والله سبحانه هو الناصر وهو الأول والآخر. والكتاب مرتب على فصول.
فصل في نبذ من فضائل الصحابة ﵃
حسبك من القرآن قوله سبحانه: ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ وفيه بشارة لأجمعهم بالجنة كما قال ابن حزم.
1 / 13
وعن عمران بن حصين ﵁ مرفوعا: «خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» الحديث رواه البخاري والترمذي والحاكم.
وعن ابن مسعود ﵁ مرفوعا: «خير الناس قرني» الحديث رواه الشيخان وأحمد والترمذي.
وعن جابر ﵁ مرفوعا: "لا تمس النار مسلما رآني أو رأى من رآني" رواه الترمذي والضياء المقدسي.
1 / 14
وعن واثلة بن الأسقع ﵁ مرفوعا: «طوبى لمن رآني ولمن رأى من رآني» رواه عبد بن حميد وابن عساكر.
وعن عبد الله بن يسير مرفوعا: "طوبى لمن رآني وآمن بي طوبى لمن رأى من رآني وآمن بي طوبى لهم وحسن مآب" رواه الطبراني والحاكم.
وعن أنس ﵁ مرفوعا: "مثل أصحابي في أمتي كالملح في الطعام لا يصلح إلا بالملح" رواه البغوي في شرح السنة وأبو يعلى في سننه.
وعن أبي موسى الأشعري ﵁ مرفوعا: "ما من أصحابي يموت بأرض إلا بعث قائدا ونورا لهم يوم القيامة" رواه الترمذي وقال غريب، والضياء المقدسي.
1 / 15
وعنه مرفوعا: «النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أنا أتى أصحابي ما يوعدون وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون» رواه مسلم وأحمد في مسنده. وما توعد السماء الانشقاقَ والصحابة التشاجرَ والمحن والأمة المصائبَ وظلم الولاة.
1 / 16
وعن عمر بن الخطاب ﵁ مرفوعا: «أكرموا أصحابي فإنهم خياركم» الحديث رواه النسائي بإسناد صحيح أو حسن.
وعنه مرفوعا: "سألت ربي عن اختلاف أصحابي من بعدي فأوحى إلي يا محمد إن أصحابك عندي بمترلة النجوم في السماء بعضها أقوى من بعض ولكل نور فمن أخذ بشيء مما هم عليه من اختلافهم فهو عندي على هدى" قال عمر: وقال رسول الله ﷺ:
1 / 17
"أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم" رواه زيد عن أبي سعيد الخدري وفي اللفظ الأخير كلام. قال العسقلاني: ضعيف واه. وعن ابن حزم إنه موضوع باطل. وقال ابن الربيع: رواه ابن ماجة؛ ولم يوجد في سننه.
فصل في النهي عن مطاعنهم
عن أبي سعيد الخدري ﵁ مرفوعا: «لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي، ورواه مسلم وابن ماجة عن أبي هريرة، ورواه أبو بكر البرقاني على شرط الشيخين.
1 / 18
وعن عبد الله بن مغفل مرفوعا: "الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله يوشك أن يأخذه" رواه الترمذي وقال غريب.
1 / 19
وعن عائشة ﵂ مرفوعا: "إن شرار أمتي أجرؤهم على أصحابي" رواه ابن عدي.
وعن ابن عمر ﵄ مرفوعا: "إذا رأيتم الذين يسبون أصحابي فقولوا لعنة الله على شركم" رواه الترمذي والخطيب.
وعن ابن عباس ﵄ مرفوعا: «من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين».
وعن الحسن ﵁ مرفوعا: "من خرج من الدنيا شاتما لأحد من أصحابي سلط الله عليه دابة تقرض لحمه يجد ألمه إلى يوم
1 / 20
القيامة" رواه ابن أبي الدنيا في القبور.
وعنه مرفوعا: "إن الله اختارني واختار لي أصحابا فجعل لي منهم وزراء وأنصارا وأصهارا، فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا" رواه الطبراني والحاكم.
فصل في النهي عن ذكر المسلم إلا بخير
وعن ابن مسعود ﵁ مرفوعا: «سباب المسلم فسوق» رواه البخاري ومسلم وأحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة. ورواه ابن ماجة عن أبي هريرة وسعد. والطبراني عن عبد الله بن مغفل. والدارقطني عن جابر.
وعن ابن عمر ﵄ مرفوعا: «أيما رجل قال لأخيه كافر فقد باء بها أحدهما» رواه البخاري ومسلم وأحمد.
وعن أبي ذر ﵁ مرفوعا: «لا يرمي رجل رجلا بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك» رواه
1 / 21
البخاري.
وعن ابن مسعود ﵁ مرفوعا: «ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا الفاحش ولا البذيء» رواه الترمذي والبيهقي وأحمد والبخاري في التاريخ والحاكم في مستدركه وابن حبان في صحيحه.
وعن أبي الدرداء ﵁ مرفوعا: «إن العبد إذا لعن شيئا صعدت إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها فيمنعان دونها فإذا لم تجد مساغا رجعت إلى الذي لُعن فإن كان لذلك أهلا وإلا رجعت إلى قائلها» رواه أبو داود.
1 / 22
فصل في النهي عن سب الأموات
عن عائشة ﵂ مرفوعا: «لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا» أخرجه البخاري.
فصل في النهي عن ذكر التشاجر
ذكر كثير من المحققين أن ذكره حرام مخافة أن يؤدي إلى سوء الظن ببعض الصحابة. ويعضده الحديث المرفوع: "لا يبلغني أحد من أصحابي عن أحد شيئا فإني أحب أن أخرج اليكم وأنا سليم الصدر" رواه أبو داود من حديث ابن مسعود.
وقال أبو الليث: سئل إبراهيم النخعي ﵁ عن حروب الصحابة فقال: تلك دماء طهر الله أيدينا منها أفنلطخ ألسنتنا. انتهى.
وإنما اضطر أهل السنة إلى ذكر تلك القصص لأن المبتدعة
1 / 23
اخترعوا فيها مفتريات وأكاذيب حتى ذهب بعض المتكلمين إلى أن روايات التشاجر كلها كذب. ونعم القول هو؛ إلا أن بعضها ثابت بالتواتر. وأجمع أهل السنة والجماعة على تأويل ما ثبت منها تخليصا للعامة عن الوساوس والهواجس. وأما ما لم يقبل التأويل فهو مردود. فإن فضل الصحابة وحسن سيرتهم واتباعهم الحق ثابت بالنصوص القاطعة وإجماع أهل الحق فكيف يعارضه رواية الآحاد، سيما من الروافض المتعصبة الكذابين.
1 / 24
فصل في قصة التشاجر مختصرا
ثبت بالأسانيد أن أهل مصر قدموا المدينة فسألوا عثمان ﵁ أن يعزل عبد الله بن أبي سرح عن مصر وأن يوّلي عليهم محمد بن أبي بكر ﵁ ففعل. فكتب وزيره مروان بن الحكم إلى عبد الله أن يقتلهم إذا بلغوه فالتقى حامل الكتاب والمصريون في السبيل فأخذوه منه فإذا هو من أمير المؤمنين وبخاتمه؛ والحامل عبده على ناقته. فرجعوا إلى المدينة وحاصروا داره. فمنع عثمان ﵁ الصحابة عن قتالهم حقنا لدماء المسلمين وحرصا على الشهادة التي بلغته على لسان النبي ﷺ. فقتلوه ثم بايعوا عليا كرم الله وجهه. فطلبه عائشة وزبير وطلحة ومعاوية رضي الله
1 / 25
عنهم أن يقتلهم قصاصا فاستمهلهم حتى يستوي أمره ولا يثور الفتنة. فطال الكلام ووقع التشاجر وكل ما قدر الله سبحانه فهو كائن لا محالة. فحارب طلحة وزبير وعائشة ﵃ بقرب البصرة فقتل
1 / 26
الأولان وعقر جمل عائشة ﵂ ولذا يسمى حرب الجمل. فأرسلها إلى المدينة بعزة وكرامة. ثم حارب معاوية ﵁ بالصفين على ساحل الفرات فاستمر الحرب إلى أن وقع اختلاط يشبه الصلح. والله سبحانه أعلم.
فصل في أن المجتهد لا يؤخذ بالخطإ
الأصل فيه الحديث المرفوع الصحيح: «إذا حكم الحاكم فاجتهد فاصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فاخطأ فله أجر واحد» رواه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والنسائي والترمذي عن أبي هريرة، والبخاري وأحمد والنسائي وأبو داود وابن ماجة عن عبد الله بن عمرو بن العاص، والبخاري عن أبي سلمة.
فالأجران للاجتهاد والإصابة والأجر الواحد للاجتهاد وحده. والصحابة الأربعة مجتهدون في الحرب مخطئون فيه وعلي ﵁ مجتهد مصيب. وقد تقرر في الأصول أنه يجب على المجتهد أن يعمل بما ادى إليه اجتهاده ولا لوم عليه ولا على مقلده. فالقاتل والمقتول من الفريقين في الجنة. والحمد لله رب العالمين.
1 / 27
وأخرج ابن سعد عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل قال: رأيت كأني أدخلت الجنة فإذا قباب مضروبة قلت: لمن هذه؟ قالوا: لذي الكلاع وحوشب -وكانا ممن قتل مع معاوية- قلت: فأين عمار وأصحابه؟ قالوا: أمامك، قلت: وقد قتل بعضهم بعضا؟ قيل: إنهم لقوا الله فوجدوه واسع المغفرة، قلت: فما فعل أهل النهر؟ يعني الخوارج، قال: لقوا برحا، أي شدة.
فصل في نبذ من فضائل عائشة ﵂
عن أبي موسى الأشعري ﵁ مرفوعا: «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام» رواه البخاري ومسلم والترمذي وابن أبي شيبة وابن ماجة وابن جرير.
وعن أبي موسى قال: ما أشكل علينا أصحاب رسول الله ﷺ
1 / 28
حديث قط فسألنا عائشة ﵂ إلا وجدنا عندها علما. رواه الترمذي وقال حسن صحيح غريب.
وعن أم هانئ أخت علي بن أبي طالب ﵁ مرفوعا: "يا عائشة سيكون سوارك العلم والقرآن" رواه إمامنا الأعظم في مسنده.
وعنها مرفوعا أنه "ليهون على الموت أني رأيتك زوجتي في الجنة" وفي رواية: "هون على الموت لأني رأيت عائشة ﵂ في الجنة" رواه الإمام أبو حنيفة ﵁ في مسنده.
وعنها مرفوعا: «يا عائشة هذا جبريل يقرئك السلام» قلت: وعليك السلام ورحمة الله. رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.
وعنها قالت: قال لي رسول الله ﷺ: «أريتكِ في المنام مرتين أرى أنك في سرقة من حرير ويقول هذه امرأتك فأكشف فإذا هي أنتِ فأقول إن يك هذا من عند الله يمضه» رواه البخاري ومسلم.
وعنها قالت: إن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة ﵂ يبتغون بذلك مرضاة رسول الله ﷺ. وقالت إن نساء رسول الله -
1 / 29
ﷺ كن حزبين فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة والحزب الآخر أم سلمة وسائر نساء النبي ﷺ، فكلم حزب أم سلمة .. فقلن لها: كلمي رسول الله ﷺ يكلم الناس فيقول: من أراد أن يهدي إلى رسول الله ﷺ فليهده إليه حيث كان. فقال لها: «لا تؤذيني في عائشة فإن الوحي لم يأتني وأنا في ثوب امرأة إلا عائشة» قالت: أتوب إلى الله من أذاك يا رسول الله. ثم إنهن دعون فاطمة ﵂ فأرسلن إلى رسول الله ﷺ فقال: «يا بنية ألا تحبين ما أحب؟» قالت: بلى، قال: «فأحبي هذه». رواه البخاري ومسلم والنسائي.
تنبيه: لعل ظانا يظن أن رواية مناقبها عنها مما لا يجدي نفعا وهو ظن فاسد، فإن الحديث الأول من أعظم المناقب ويحصل به توثيقها وصلاحها وصدقها في كل ما روته.
فصل في مناقب طلحة ﵁
قال مؤلف المشكاة: هو طلحة بن عبيد الله، يكنى أبا محمد القرشي، قديم الإسلام شهد المشاهد كلها غير بدر لأن النبي ﷺ بعثه مع
1 / 30
سعيد بن زيد يتعرفان خبر عير قريش، وجرح يوم أحد أربعة وعشرين جراحة وقيل كانت فيه خمس وسبعون جراحة وقيل كانت فيه خمس وسبعون بين طعنة وضربة ومرمية. وروى الترمذي بضع وثمانون. قتل يوم الخميس لعشرين من جمادى الآخر سنة ست وثلاثين ودفن بالبصرة وله أربع وستون سنة. وذكر النووي أنه اعتزل الناس تاركا للقتال فأصابه سهم فقتله، ويقال رماه مروان بن الحكم.
وأخرج البخاري عن عمر ﵁ قال: توفي رسول الله ﷺ وهو راض عن طلحة وزبير.
وأخرج مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي ﵃ وطلحة وزبير فتحركت الصخرة فقال رسول الله ﷺ: «اهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد».
وأخرج الترمذي عن عبد الرحمن بن عوف وابن ماجة وأحمد والضياء المقدسي والدارقطني عن سعيد بن زيد قالا: قال رسول الله ﷺ: «أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي في الجنة وطلحة في الجنة وزبير في الجنة وعبد الرحمن في الجنة وسعد بن أبي وقاص في الجنة وسعيد بن زيد في الجنة وابن الجراح في
1 / 31