53

Nafh Tib

نفخ الطيب من غصن الأندلس الرطيب

Bincike

إحسان عباس

Mai Buga Littafi

دار صادر-بيروت

Inda aka buga

لبنان ص. ب ١٠

[ركوب البحر وبلوغ مصر] ثم جد بنا السير في البر أيامًا، ونأينا عن الأوطان التي أطنبنا في الحديث حبًا لها وهيامًا، وكنا عن تفاعيل وصلها نياما، إلى أن ركبنا البحر، وحللنا منه بين السحر والنحر، وشاهدنا من أهواله، وتنافي أحواله، ما لا يعبر عنه، ولا يبلغ له كنه: البحر صعب المرام جدًا لا جعلت حاجتي إليه أليس ماء ونحن طين فما عسى صبرنا عليه فكم استقبلتنا أمواجه بوجه بواسر، وطارت إلينا من شراعه عقبان كواسر، قد أزعجتها أكف الريح من وكرها، كما نبهت اللجج من سكرها، فلم تبق شيئًا من قوتها ومكرها، فسمعنا للجبال صفيرًا، وللرياح دويًا عظيمًا وزفيرًا، وتيقنا أنا لا نجد من ذلك إلا فضل الله مجيرًا وخفيرًا، (وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه) (الإسراء: ٦٧) وأيسنا من الحياة، لصوت تلك العواصف والمياه، فلا حيا الله ذلك الهول المزعج ولا بياه، والموج يصفق لسماع أصوات الرياح فيطرب بل ويضطرب، فكأنه من كأس الجنون يشرب أو شرب، فيبتعد ويقترب، وفرقه تلتطم وتصطفق، وتختلف ولا تكاد تتفق، فتخال الجو يأخذ بنواصيها، وتجذبها أيديه من قواصيها، حتى كاد سطح الأرض يكشف من خلالها، وعنان السحب يخطف في استقلالها، وقد أشرفت النفوس على التلف من خوفها واعتلالها، وآذنت الأحوال بعد انتظامها باختلالها، وساءت الظنون، وتراءت في صورها المنون، والشراع في قراع مع جيوش الأمواج

1 / 33