280

Nafh Tib

نفخ الطيب من غصن الأندلس الرطيب

Editsa

إحسان عباس

Mai Buga Littafi

دار صادر-بيروت

Inda aka buga

لبنان ص. ب ١٠

عبد الملك إلى قرطبة، وكانت من أعظم مدائنهم، في سبعمائة فارس، لأن المسلمين ركبوا جميعًا خيل العجم، ولم يبق فيهم راجلٌ، وفضلت عنهم الخيل، وبعث جيشًا آخر إلى مالقة، وآخر إلى غرناطة مدينة إلبيرة، وسار هو في معظم الناس إلى كورة جيّان يريد طليطلة، وقد قيل: إن الذي سار لقرطبة طارق بنفسه، لا مغيث، قالوا: فكمنوا بعدوة نهر شقندة في غيضة أرزٍ شامخة، وأرسلت الأدلاء فأمسكوا راعي غنمٍ فسئل عن قرطبة فقال: رحل عنها عظماء أهلها إلى طليطلة، وبقي فيها أميرها في أربعمائة فارس (١) من حماتهم مع ضعفاء أهلها، وسئل عن سورها فأخبر أنّه حصين عالٍ فوق أرضها إلا أنّه فيه ثغرة ووصفها لهم (٢)، فلمّا أجنّهم الليل أقبلوا نحو المدينة ووطّأ الله لهم أسباب الفتح بأن أرسل السماء برذاذٍ أخفى دقدقة حوافر الخيل، وأقبل المسلمون رويدًا حتى عبروا نهر قرطبة ليلًا، وقد أغفل حرس المدينة احتراس السور، فلم يظهروا عليه ضيقًا بالذي نالهم من المطر والبرد، فترجّل القوم حتى عبروا النهر، وليس بين النهر والسور إلا مقدار ثلاثين ذراعًا أو أقل (٣)، وراموا التعلّق بالسور فلم يجدوا متعلّقًا، ورجعوا إلى الراعي في دلالتهم على الثغرة التي ذكرها، فأراهم إياها، فإذا بها غير مستهلة التسنّم، إلا أنّه كانت في أسفلها شجرة تين مكنت أفنانها من التعلّق بها، فصعد رجل من أشدّاء المسلمين في أعلاها، ونزع مغيث عمامته فناوله طرفها، وأعان بعض الناس بعضًا حتى كثروا على السور، وركب مغيث ووقف من خارج، وأمر أصحابه المرتقين للسور بالهجوم على الحرس، ففعلوا، وقتلوا نفرًا منهم، وكسروا أقفال الباب، وفتحوه، فدخل مغيث ومن معه وملكوا المدينة عنوة، فصمد إلى البلاط منزل الملك ومعه أدلاؤه، وقد بلغ الملك دخولهم

(١) فارس: سقطت من ق ط ج.
(٢) لهم: سقطت من ط ج ق.
(٣) أو أقل: سقطت من دوزي.

1 / 261