ومن شرط الناسخ أن يكون في وقوع العلم به كالمنسوخ وسيأتي بيان ذلك في إبطال النسخ بخبر الواحد بمشية الله تعالى.
وليس من شرط الناسخ أن يكون لفظ المنسوخ ، متناولا له ؛ لأنه لا فرق بين أن يعلم استمرار الحكم بظاهر الخطاب ، أو يعلم ذلك بقرينة.
وليس من شرطه أن لا يتأخر عن المنسوخ كما قلنا في تخصيص العام ، وبيان المجمل ، عند من ذهب إلى ذلك ، بل الناسخ يجب تأخره كما صرحنا به في حده.
وليس من شرط النسخ التنبيه في حال الخطاب في الجملة عليه ، على ما ظنه بعضهم ، وذلك أنه لا وجه لوجوب ذلك ، بل هو موقوف على المصلحة ، فربما اقتضته ، وربما لم تقتضه.
وليس من شرطه أن لا يكون اللفظ مقتضيا للتأييد ، ففي الناس من ذهب إلى أنه تعالى لو قال : «افعلوا الصلاة أبدا» ، ما جاز النسخ ، وإنما يجوز مع الإطلاق. وهذا باطل ؛ لأن لفظة التأييد في التعارف يقتضي التوقيف ، كقول القائل : «لازم الغريم أبدا» و «تعلم العلم أبدا» وقد ثبت أن التكليف منقطع ، وأن انقطاعه متوقع من وجوه ، فكيف يمنع هذا اللفظ من النسخ ولو منع من ذلك ، لمنع من العجز ، ووجوه التعذر.
وليس من شرط النسخ أن يقع بما هو أخف في التكليف على ما ذهب إليه بعض أهل الظاهر ، وذلك أن التكليف على سبيل الابتداء ، وعلى جهة النسخ إنما هو تابع للمصلحة ، وقد تتفق المصلحة في الأشق والأخف معا ، وفي الأشق من زيادة التعريض للثواب ما ليس في الأخف والشبهة في هذا ضعيفة جدا. وقد ذكر من وقوع النسخ في القرآن بما هو أشق منه ما فيه كفاية ، وهو معروف.
Shafi 178