سائمة الغنم الزكاة». قال : وقد يقتضي ذلك أن حكم ما عداه مثل حكمه ، نحو قوله تعالى : ( ومن قتله منكم متعمدا ) (1) وقوله تعالى : ( فلا تقل لهما أف ) (2) وقوله تعالى : ( فلا تظلموا فيهن أنفسكم ) (3). وهذا تصريح منه بالمذهب الصحيح ، وأن القول إذا تجرد لم يقتض نفيا ولا إثباتا فيما عدا المذكور ، وأن بالقرائن تارة يعلم النفي ، وأخرى الإثبات. وقد أضاف ابن شريح قوله هذا إلى الشافعي ، وتأول كلامه المقتضى بخلاف ذلك وبناه عليه. وذهب أكثر أصحاب الشافعي وجمهورهم إلى أن تعليق الحكم بصفة دال بمجرده على نفي الحكم عما ليس له تلك الصفة ، وفيهم من ذهب إلى أن الاسم في هذا الباب كالصفة ، وفيهم من فرق بين الاسم والصفة.
والذي يدل على صحة ما اخترناه أنه قد ثبت أن تعليق الحكم بالاسم اللقب لا يدل على أن ما عداه بخلافه ، وثبت أن الصفة كالاسم في الإبانة والتمييز ، وإذ ثبت هذان الأمران صح مذهبنا.
والذي يدل على الأول أن تعليق الحكم بالاسم لو دل على أن ما عداه بخلافه لوجب أن يكون قول القائل : «زيد قائم» و «عمرو طويل» و «السكر حلو» مجازا ، معدولا به عن الحقيقة ، فإنه قد يشارك زيدا وعمروا في القيام والطول غيرهما ، ويشارك السكر في الحلاوة غيره. ويجب أيضا أن لا يمكن أن نتكلم بهذه الألفاظ على سبيل الحقيقة ، ومعلوم ضرورة خلاف ذلك من مذهب أهل اللغة وأن هذه الألفاظ حقيقة ، ومما لا يجب كونها مجازا. ويلزم على هذا المذهب أن يكون أكثر الكلام مجازا ؛ لأن الإنسان إذا أضاف إلى نفسه فعلا من قيام ، وأكل ، وضرب ، وما جرى مجرى ذلك ، ليس يضيف إليها إلا ما له فيه مشارك ، والإضافة إليه يقتضي ظاهرها على مذهب من قال بدليل الخطاب نفي ذلك الأمر عمن عداه ، فلا تكون هذه الأوصاف في موضع من المواضع إلا مجازا ، وهذا يقتضي أن الكلام كله مجاز.
Shafi 167