185

والجواب عن رابعها : أنه ليس في الظاهر أن جميع الوجوه التي في النار داخلة في اللفظة ، لأن لفظة «وجوه» ليست من ألفاظ العموم عند أحد ، فغير ممتنع أن يكون الله تعالى أراد بعضها أو أراد سوادا مخصوصا يلحق هذه الوجوه وان لم يكن لاحقا بغيرها.

ويلزم المتعلق بهذه الآية أن يكون كل من يدخل النار كفر بعد إيمان حتى يكون من كفر في الأصل خارجا من النار ؛ لأن الظاهر هكذا يقتضي.

والجواب عن خامسها : أن وصفه تعالى النار بأنها محيطة بالكافرين ، لا يمنع من أن تكون محيطة بغيرهم ، وإنما قيدنا احاطتها بهم ، ومن قال في دار بعينها : «انها محيطة بزيد» لا يمنع من أن تكون محيطة بعمرو ، وعلى أن النار محيطة بزبانية وخزنة ، وليس في القول بذلك خروج عن ظاهر الآية ، وقد قال الله تعالى : ( والله محيط بالكافرين ) (1) بأنه عالم بأحوالهم ، ولا يمنع ذلك من احاطته بغيرهم.

والجواب عن سادسها : أنه ظاهر قوله تعالى : ( وهل نجازي إلا الكفور )، لو اقتضى نفي المجازاة عمن ليس بكفور لاقتضى أن يكون المؤمن غير مجاز بإيمان فيه وطاعاته.

فإذا قيل : أريد بالآية وهل نجازي بالعقاب إلا الكفور.

قلنا : هذا ترك للظاهر ، ولا فصل بينكم وبين مرتدكم بأن حمل الآية على عقاب مخصوص وجزاء معين ، وظاهر الآية يقتضي حمل الجزاء على الاصطلام والاستيصال في الدنيا ؛ لأنه تعالى أجرى العادة بأن يعاقب بهذا الضرب من الجزاء للكفار دون غيرهم. ألا ترى قوله تعالى : ( فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل (16) ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور (17)) (2). وهذا بين (3).

( الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون ) [البقرة : 15].

Shafi 303