164

( الم )

فإن قيل : فما الوجه فيما افتتح هذه السورة من قوله : ( الم ) وهو كلام لا يعرف معناه ولا يعلم فحواه؟ وكيف يجوز أن يخاطبهم بما لا يعرفونه ولا يقولونه؟

** الجواب :

قلنا : قد ذكر الناس في معنى الحروف المقطعة التي افتتحت بها السور وجوها كثيرة ، فبعضها صحيح وبعضها فاسد ، ونحن نذكر الصحيح الذي نختاره وننبه على ما فيه اختلاف وفساد.

فمن أصح ما ذكر في ذلك وأبعده من الفساد أن يكون هذه الحروف أسماء للسور وشعارا لها ، والاسماء إذا كانت على سبيل التلقيب (1) الذي ذكرناه والتمييز (2)؛ لأن الألقاب جارية مجرى الاشارة ، ولا يفيد في اللقب أكثر من الاشارة إليه ، وإمكان الإخبار عنه عند الغيبة باللقب ، كما أمكنت الاشارة مع الحضور.

ألا ترى أن قولنا : «زيد وعمرو» لا يفيدان أكثر من التلقب الذي ذكرناه ، ولا يجريان مجرى طويل وقصير وما أشبهها من الصفات؟ ومن أمارة كون الاسم لقبا أن يجوز تبديله وتغييره واللغة على ما هي عليه ، والإسم المفيد لا يجوز تغييره إلا بتغير اللغة.

ألا ترى أنه لو سمينا رجلا ب «زيد» ثم بدا لنا في ذلك فسميناه ب «عمرو» لساغ ذلك واللغة على ما كانت عليه ، وإذا وصفناه بأنه طويل لم يجز أن نصفه بالقصير ، ونرجع عن وصفه بالطويل إلا مع تغير اللغة وانقلابها.

وهذا الوجه الذي ذكرناه في هذه الفواتح ، قد روي عن الشيوخ الثقات الذين لا أرباب لهم ، وما لا إسم له من السور قد يعرف ويميز بما يقوم مقام الاسم من الصفات ، كسورة النساء وسورة المائدة وما أشبههما.

Shafi 282