Nafahat Rayhana
نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة
فوحقِّ إفحامِي بما أملاهُ لي ... ولأنَّني تعنو ليَ الفصحاءُ
لم أعدو ما أسدَتهُ لي حسناتُه ... أنَّى وكلِّي في هواه وفاءُ
لا بل عليَّ من العفافِ وصونِه ... وعلوِّ منصبِ حسنِه رقباءُ
ما ثمَّ غير تلاثمٍ وتعانقٍ ... ويديَّ مفرشُ جيدِه وغطاءُ
وفمي على فه وأشكوهُ الظَّما ... ظمأٌ جناه لقلبيَ الإرواءُ
حتى إذا أفضتْ أفاويهُ الصَّبا ... وأتتْ تكلِّلُ ذيلها الأنداءُ
وبدا الكرى يسطو على إحساسِه ... ورقى إلى أجفانِه الإغفاءُ
عطسَ الصَّباحُ فهبَّ يمسح نعسةً ... لم يشفِها من مقلتيهِ لقاءُ
قلت: قال المرزوقي في شرح الفصيح: عطِس: فاجأ من غير إرادة، ومصدره العطس، والعُطاس الاسم، جعل كالأدواء. يقال: أرغم الله معطِسه. وعطِس الصبح والفجر، على التشبيه.
قلت: كما في قول ابن الوردي:
قلتُ لهُ والدُّجَى مولٍّ ... ونحنُ في الأنسِ والتَّلاقِي
قد عطِس الصُّبحُ يا حبيبي ... فلا تشمِّتْهُ بالفراقِ
ومثله عطاس الدهر، كما في قول الغزي:
كم من بكورٍ إلى فخرٍ ومنقبةٍ ... جعلتَهُ لعطاسِ الدَّهرِ تشميتا
وله من أبيات، أولها:
عطفتُ على ودِّ الهوَى وولاتِه ... وأخلصتُ أسراري لحفظِ إخائِهِ
وما ذاك إلا أن حبانِي بشادنٍ ... يقطِّعُ أكبادَ الجفا بوفائهِ
رخيمُ معانِي الدلِّ أدمثُ من رُوا ... نعيمِ خدودِ الغانياتِ ومائهِ
سقيمُ حواشِي الطرفِ والخصرِ عزَّ أن ... يلوحَ لرأيِ العينِ بندُ قبائهِ
غلامٌ كأنَّ الله ألبسَ خدَّهُ ... لِثامَ ورودٍ مذهبًا بحيائهِ
وأودعَ جفنيهِ من السِّحرِ صارمًا ... تلوحُ المنايا منهُ عندَ انتضائهِ
فكم من فؤادٍ في وطيسِ غرامهِ ... جريحٍ بهِ مخضوبةٍ بدمائهِ
وللحسنِ بل لله بانة قدِّهِ ... إذا عبثتْ فيها طلا خيلائِهِ
يصوِّبها نحوي فيوهمنِي المنَى ... أداءَ سلامٍ خصَّني بأدائِهِ
وما هو إلا أن تحقَّقَ أنَّ لي ... بقية روحٍ سلَّها باثْنائهِ
إلى اله أشكو أرقمًَا فوقَ جيدهِ ... يجوسُ خلالَ الفكرِ حال اختفائهِ
ومهما بدَا من وكرِه وهو يلتَوي ... لوى كلَّ عضوٍ مستهامًا بدائهِ
وله من قصيدة في الغزل، مستهلها:
إليكَ شقيقي في الصَّبابةِ أندبُ ... أوانًا به كنَّا نلذُّ ونطربُ
أوانَ امتطينا فوقَ زهوٍ مضمَّرًا ... له قصباتُ السَّبقِ أيانَ يلعبُ
حملْنا على جيشِ الهمومِ فلم ندعْ ... به منه إلا ما يوارِيه مهربُ
ولا رمحَ إلا من قوامٍ مهفهفٍ ... ولا سهمَ إلا ما أراشتْهُ أهدبُ
ولا مرهفٌ من غير ساجٍ مدعَّجٍ ... ولا درعَ إلا ثوبُ حسنٍ مذهَّبُ
نصِرنا به مذ منَّ بالوصلِ شادنٌ ... صدوقُ الأمانِي في ترجِّيهِ يكذبُ
رقيقُ حواشي الحسنِ لولا مهابةٌ ... له كادَ بالألحاظِ حاشاهُ ينهبُ
لطلعتِه في كلِّ قلبٍ مشارِقٌ ... وللعقلِ منها حين تشرقُ مغرِبُ
خبيرٌ بأحكامِ الهوَى فجميع ما ... ينمِّقهُ الواشي لديهِ مكذَّبُ
وإذ كانَ مجبولَ الخلالِ على الوفَا ... خليلكَ فاللاَّحِي عليهِ معذَّبُ
وله مضمِّنًا بيت المهيار:
فتنتُ بهِ والصُّبحُ من فرقِ شعرِه ... بدَا ولشمسِ الرَّاحِ فيها غروبُ
فكدتُ لِما شاهدتُ لولا طُلوعُها ... بمشرقِ أفقِ الخدِّ منه أذوبُ
ولولا طلوعُ الشمسِ بعد غروبِها ... هوتْ معها الأرواحُ حين تغيبُ
وله مضمِّنًا:
لقد علقتُ ببدرٍ زانهُ حورُ ... في مقلتيهِ بهِ يسطو على المهجِ
1 / 59