3 إن برهان النظم برهان في حال تطور (متجدد)، وبتعبير آخر هو برهان لا متناه ، المقدمة الكبرى وإن كانت ثابتة ، لكن صغراها تمثل أعصانا متفرعة ومورقة وذات برأعم نامية لهذا البرهان ، لأن أي اكتشاف من الاكتشافات العلمية حول أسرار الخلقة إنما يشكل مصداقا وصغرى جديدة لهذا البرهان ، فهو لهذا جديد دائما ، وفي كل يوم يأخذ شكلا آخرا ، وهو متطور ومتقدم إلى جانب تطور العلم والمعارف البشرية.
4 إن برهان النظم يدعو الإنسان إلى سلوك الآفاق والأنفس ، وهذا السلوك المملوء بالبركة يزيد من مستوى معرفة الإنسان في كل يوم ويجعل تفكيره مزدهرا ، خاصة وأن أسس برهان النظم مختلطة بحياة الإنسان وهو يواجهها في كل خطوة من خطواته ، وليس كالبعض الآخر من البراهين التوحيدية التي تقع على هامش قضايا الحياة وخارجها.
5 برهان النظم هو البرهان الوحيد الذي يستطيع إخضاع الفلاسفة التجريبيين الذين ينكرون الاستدلالات العقلية المحضة ، ويستخدم حربة العلم التي يستخدمونها في إثبات «المادية» ضدهم ، وهو بهذا اللحاظ ذو فاعلية عالية.
ولهذا ليس من العجيب أن يضع القران الكريم الغالبية العظمى من مباحثه التوحيدية على أساسه ، لكن من العجيب أن بعض المحققين المتأثرين بشدة ببراهين أخرى (البراهين الفلسفية المحضة) يتجاهلون الأهمية القصوى لهذا البرهان وكأنهم لا علم لهم بمميزاته وآثاره العميقة.
** أسس برهان النظم :
يرتكز هذا البرهان في شكله الأول على ركيزتين أساسيتين ، بحسب ما هو مصطلح يشكل صغرى وكبرى.
1 هنالك نظام دقيق ومحسوب يحكم عالم الوجود.
2 أينما وجدنا نظاما دقيقا ومحسوبا فمن غير الممكن أن يكون وليد الحوادث التصادفية ، بل لابد أن يصدر عن علم وقدرة عظيمين.
Shafi 40