275

التفاسير) (1)، إلاأن الله أخذ كلامهم بالجد وأجابهم : ( بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون ... ).

وهناك احتمال آخر وهو أن مرادهم من الجملة هو أن قلوب كل منهم كالوعاء المليء بالعلم والغمد الذي فيه السيف فلا تحتاج لعلوم الآخرين (2)، إلاأن هذا الاحتمال بعيد جدا.

وعلى هذا ، فهناك ثلاثة احتمالات في تفسير الآية والأول أنسب من الآخرين ، وقد نقل في بعض التفاسير حديث ذا مغزى عميق عن الرسول صلى الله عليه وآله يقول فيه : «الطابع معلق بقائمة العرش فإذا انتهكت الحرمة وعمل المعاصي واجتريء على الله تعالى بعث الله تعالى الطابع فطبع على قلبه فلا يعقل بعد ذلك شيئا» (3).

والجدير بالذكر هو أن «طابع» اسم فاعل للطبع و «طابع» اسم آلة الطبع ، ويظهر في الحديث أن الكلمة الاولى بالفتح والثانية بالكسر.

وهذا الحديث يؤكد بوضوح الحقيقة التالية : أن لا جبر هنا ، وأن حجب القلوب نتيجة لأعمال الإنسان نفسه.

* *

وطرحت الآية الثالثة سؤالا تقريريا حيث قالت : ( ومن أظلم ممن ذكر ... ).

إن دليل اعتبار القرآن هؤلاء أظلم الناس واضح لأنهم ظلموا أنفسهم كما ظلموا الآخرين كذلك فإن ظلمهم هذا وقع في محضر الساحة القدسية الإلهية مع وجود تعاليمه الحقة ، وعليه فالآية لا تدل على عدم الجبر فحسب ، بل تدل على اصالة الاختيار.

وما يلفت النظر هنا هو أن الفخر الرازي بالرغم من كونه من القائلين بالجبر ، لكنه

Shafi 291