246

في صدر الإسلام ، حيث إن بعض المسلمين رفض الهجرة إلى المدينة ، والعجيب في الأمر أن قريشا عندما تحركوا نحو بدر لقتال المسلمين ، اصطف هؤلاء المسلمون (المنافقون) في صفوفهم ، وكانوا يحدثون أنفسهم أنهم سيلتحقون بجيش محمد إذا كان جيشه ذا عدد كبير ، وسيبقون مع جيش قريش إذا ما كان عدد المسلمين قليلا (1).

وهل للنفاق مفهوم غير هذا الذي تجسد في هذه المجموعة؟ وإذا لم يكونوا منافقين ، فمن هم المنافقون؟

وقد حصل هذا الأمر بالذات في معركة الأحزاب فإن شخصيات كثيرة من المنافقين كانت قد حشرت نفسها مع المسلمين ، وعندما شاهدوا كثرة الأحزاب قالوا بصراحة : ما وعدنا الرسول إلاكذبا وباطلا.

وهذا هو حجاب النفاق الذي لا يسمح لهم من إدراك الحقائق ، رغم أنهم شاهدوا بأم أعينهم أن النصر ليس بكثرة العدد ، بل بالإيمان والثبات الناشيء عنه.

** سؤال :

يطرح سؤال هنا وهو : كيف يكون النفاق حجابا يحجب عن الحقائق؟

** الجواب :

يمكننا الإجابة عن هذا السؤال بالالتفات إلى ملاحظة في هذا المجال وهي : إن روح النفاق تستلزم أن يتحرك الإنسان مع كل التيارات وأن يكون مع جميع الفرق ، وأن يتخذ صبغة المحيط الذي يعيش فيه ، فيفقد في النهاية أصالته واستقلاله الفكري ، إن طريقة تفكير إنسان كهذا تكون متطابقة دائما مع طريقة تفكير الفريق الذي يكون معهم ، فلا عجب أن يكون حكمه غير صحيح.

Shafi 261