لنفس الإنسان ، وتارة يأتي التزيين في صيغة فعل مبني للمجهول وتارة ينسبه إلى الله تعالى كما جاء ذلك في الآية : ( ان الذين لايؤمنون بالآخرة زينا لهم اعمالهم ). (النمل / 4)
هذه ترجع إلى أن مقدمات هذا الأمر تبدأ من نفس الإنسان ، فيتمسك بها الشيطان ويفعل فعلته ، وبما أن الله مسبب الأسباب وخالق العلل والمعلولات فتنسب إليه نتيجة الأعمال ، وتقتضي حكمته بأن يبتلي البعض بمصير كهذا وما أسوء حال الذي تتمثل السيئات أمامه حسنات!
* *
وقد تحدثت الآية الثالثة عن المراحل الاولى لانحراف القلب ، وبعد تقسيمها للآيات إلى محكمات (وهي ذات المفاهيم الواضحة) ومتشابهات (وهي ذات المعاني المعقدة) قالت : ( فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون فى العلم يقولونءامنا به كل من عند ربنا )، فالراسخون في العلم يفسرون المتشابهات بالمحكمات ، واما الذين في قلوبهم زيغ فيأخذون بالمتشابهات ويفسرونها برأيهم ابتغاء الفتنة.
إنهم يتمسكون بما تشابه من القرآن لتبرير نواياهم غير الخالصة ، ولهذا نرى كثيرا من المنافقين وأصحاب البدع وأتباع المذاهب المنحرفة يستغلون صفاء قلوب المخلصين والمؤمنين بآيات الله بالكامل ، ويبررون بدعهم بالاستعانة ب «التفسير بالرأي» والاستعانة بالآيات المتشابهة ، وبتعبير آخر : بما أن قلوبهم وأفكارهم منحرفة فيرون آيات الله منحرفة أيضا ، كالمرآة المعوجة تنعكس فيها الصور معوجة.
* *
والآية الرابعة تشير إلى الصدأ والرين الذي يعلوا القلوب ، إنه الغبار الذي يعلو القلوب بسبب الذنوب والمعاصي ، فيتراكم الغبار عليها حتى تتحجر ، ويغطي الصدأ القلب كله ،
Shafi 235