ثم ترك الرئاسة وأقبل على العبادة، ومجالسة الفقراء والزهد في الحياة الدنيا، والمعاملة لها على مقتضى إستحقاقها، وعدم الإشتغال بالأعراف والعادات التي يعتادها أبناء جنسه غير مبال بملبوس ولا غيره، ومحله مجمع للأعيان ومحط رجال الأعلام، كثير الضيافات واسع النفقات، وله خلق عظيم وتودد باهر، واحتمال ولين جانب، وتواضع وشرف نفس ومحافظة على المروءات وميل إلى العمل بما صح من الأحاديث النبوية، وإشتغال بالمذاكرة والمراجعة في مشكلات من العلوم لا يخلى موقفه عن المسائل وعن [14أ-ب]الخوض في طرائف الأخبار، ولطائف الأشعار، وكثيرا ما يورد ماجريات عجيبة وقضايا من المتفقات غريبة؛ لأنه قد حلب الدهر أشطره، وعرف الأكابر وشاهد أحوال الزمان، ومارس كثيرا من القضايا، واصطحب هو وشيخنا [24أ-ج] المولى عبد القادر بن أحمد دهرا طويلا وكثيرا ما يصف منه صاحب الترجمة ما يبهر الألباب وكذلك هو وسيدي البدر محمد بن هاشم الشامي، والفقيه ضياء الدين سعيد بن علي القرواني رحمهما الله (لم) (1) يكادوا يفترقون نهارا وعشيا، واستمروا على الاجتماع حتى فرق بينهما الحمام (2) وجمع صاحب الترجمة شعر والده في مجلد سماه (سلوة المشتاق)(3) ، ورتبه على الحروف، وقد ذكره القاضي أحمد قاطن في تأاريخه (4) وقال: (كان بارا بوالده، مطيعا له في كل ما يرومه لا يخالفه في أمره، وناله بسبب ذلك امتحانات يطول شرحها مع تسليم عجيب لما وقع معه ورضى بما جرى به القلم وأنقضى مطرحا للكبر بالمرة واسع المحبة والمروءة والأخلاق الحسنة)(5) انتهى.
[نماذج من شعره]
وله شعر قليل، فمنه ما أنشده لنفسه ملغزا:
ا اسم غدا علما وأضحى حبه
هيهات أن يخلو الفتى من حبه
Shafi 100