128

نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم

نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم

Mai Buga Littafi

دار الوسيلة للنشر والتوزيع

Lambar Fassara

الرابعة

Inda aka buga

جدة

Nau'ikan

قد يظن الطائع أنه بمنأى عن الاختبار أو الابتلاء الذي يتعرّض له غيره من العصاة، وهذا اعتقاد خاطىء لأن الإنسان كما أخبرنا رسول الله ﷺ قد يعمل بعمل أهل الجنة حتى يكون ما بينه وبينها إلّا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها «١»، وهنا أيضا نجد مجموعة من الخطوات لابد أن يتحلّى بها الطائعون من أهمها:
١- الخطوة الأولى: أن يعلم يقينا أن الطاعة هي من توفيق الله ﷿ وبمشيئته، ولو شاء سلبها منه، وعليه أن يردد دائما قول الله: وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ «٢» .
٢- الخطوة الثانية: أن يتحلى بالخوف من الله ﷿ وأن يرجوه قبول طاعاته، فقد كان السلف رضوان الله عليهم- كما أخبر الحسن البصري- قد عملوا بالطاعات، واجتهدوا فيها وخافوا أن ترد عليهم، إن المؤمن جمع إيمانا وخشية، والمنافق جمع إساءة وأمنا «٣» .
٣- الخطوة الثالثة: ألّا يأمن الطائع مكر الله تعالى فينقلب بهذا الأمن من العصاة وهو لا يدري، وقد كان ﷺ يكثر من الدعاء: «يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك» «٤» .
٤- الخطوة الرابعة: ألّا يمن بطاعته على الله تعالى، قال تعالى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «٥» .
٥- الخطوة الخامسة: أن يحذر الوقوع في البدعة فيعبد الله بغير ما أمر أن يعبد به «٦» . (انظر صفة الابتداع) .
٦- الخطوة السادسة: أن ينأى عن التطرّف والتشدّد في أمر الدين فإنه لن يشاد الدين أحد إلّا غلبه «٧» .
(انظر صفتي الغلو والتعسير) .
٧- الخطوة السابعة: أن يعلم أن هناك عدوّا هو الشيطان يتربّص به الدوائر ويريد الإيقاع به، وأنه قد يدخل عليه من باب الطاعة فيجعله مغترّا بها، متكبرا على غيره من العصاة، جاعلا نفسه في مكانه فوقهم (انظر صفة الغي والإغواء) .
وبعد..
فهذه المحاولة المتواضعة للكشف عن علاقة الإنسان بهذه الحياة تقودنا إلى معرفة الطريق الصحيح للنجاح في الاختبارات التي نعايشها بصفة يومية ونتعرّض فيها لشتّى الابتلاءات، وقد تبيّن من خلال هذا الاستعراض أن التحلّي بخلق الرسول ﷺ وقد كان خلقه كما وصفته أم المؤمنين عائشة- ﵂ القرآن، حيث كانت حياته الكريمة وسيرته العطرة تجسيدا حيّا لما جاء به، وقد أمرنا الله ﷿ باتباعه فيما يأمر أو ينهى عنه: وَما

(١) انظر صفة الأمن من المكر وقد ذكرنا هذا الحديث وغيره هناك، فارجع إليه.
(٢) الأعراف/ ٤٣.
(٣) انظر الأثر رقم (١٠) في صفة الطاعة.
(٤) انظر صفة الأمن من المكر ج ٩، ص ٤٠٠ عمود ٢.
(٥) الحجرات/ ١٧.
(٦) انظر صفة الابتداع.
(٧) انظر صفة التعسير، وصفة الشدة.

1 / 49