نضد القواعد الفقهية على مذهب الإمامية
Shafi 1
بسم الله الرحمن الرحيم ربنا آتنا من لدنك رحمة وهئ لنا من أمرنا رشدا، وأفض علينا من سجال جودك ما يزيل عن قلوبنا الصدأ ، وصيرنا في محفوظ لوحك ممن جعلته في القول مؤيدا والفعل مسددا.
وصل اللهم على من أرسلته بشيرا ونذيرا وشاهدا، ومنحته من مواد مواهبك وزلال عذب منا هلك موردا، وأتممت به نظام الوجود ومصالح خلقك بعد أن كانت، محمد وآله الذين بهم اندفعت مهالك الردى، وارتفعت أعلام الحجى ،
Shafi 3
وخفقت رايات الهدى، ما برق بارق وغدا ودر شارق وبدا.
اما بعد: فان اتباع الحسنة الحسبة في العمر الذي سنة منه سنة من أعظم الرغائب وأسنى المواهب، ولما وفق الله لزبر كتاب " اللوامع الإلهية في المباحث الكلامية " رأيت اتباعه بكتاب في المسائل الفقهية والمباحث الفروعية إحدى الحسنيين واحدى الموهبتين، وكان شيخنا الشهيد قدس الله سره قد جمع كتابا يشتمل على قواعد وفوائد في الفقه تأنيسا للطلبة بكيفية استخراج المعقول من المنقول وتدريبا لهم في اقتناص الفروع من الأصول، لكنه غير مرتب ترتيبا يحصله كل طالب وينتهز فرصة كل راغب، فصرفت عنان العزم إلى ترتيبه وتهذيبه وتقريبه، وسميته (نضد القواعد الفقهية على مذهب الإمامية) وما توفيقي الا بالله، عليه توكلت واليه أنيب . وهو مرتب على مقدمة وقطبين:
Shafi 4
اما المقدمة (ففي تعريف الفقه وما يتعلق بذلك) وفيها قواعد:
[القاعدة] الأولى:
" الفقه " لغة الفهم، واصطلاحا هو العلم بالحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية.
فالعلم جنس، وقولنا بالأحكام يخرج العلم بالذوات والصفات، وبالشرعية يخرج العقلية، وبالفرعية يخرج أصول الشريعة الضرورية، وكونها عن أدلتها يخرج علم واجب الوجود، وكونها تفصيلية يخرج علم المقلد فإنه بما استدل على المسألة اجمالا بأنه " أفتاني به المفتي وكلما أفتاني به المفتي فهو حكم الله في حقي ".
وموضوعه أحوال المكلفين من حيث هي متعلق الاقتضاء أو التخيير.
Shafi 5
ومسائله المطالب المثبتة فيه.
ومباديه: اما تصورية، وهي معرفة الموضوع وأقسامه ومعرفة الأحكام وأقسامها ومتعلقاتها. واما تصديقية، وهي ما يرجع إليها الاستدلال، وهي الكتاب والسنة والاجماع والعقل، وأقسام ذلك وما يتعلق به.
لطيفة:
قد يطلق " الفقه " أيضا على علم طريق الآخرة، وحصول ملكة يفيد الإحاطة بحقائق الأمور الدنيوية ومعرفة دقائق آفات النفوس، بحيث يستولي الخوف عليها فتعرض عن الأمور الفانية وتقبل على الأمور الباقية.
ولعل ذلك هو المراد من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا أنبئكم بالفقيه كل الفقيه؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: من لم يقنط الناس من رحمة الله، ولم يؤمنهم من مكر الله، ولم يؤيسهم من روح الله، ولم يدع القرآن رغبة عنه إلى ما سواه .
وقول الصادق عليه السلام: لا يكون الرجل فقيها حتى لا يبالي أي ثوبيه ابتذل وبما سد فورة الجوع.
والأول هو المصطلح عليه، وعليه مباني قطبي هذا الكتاب وعيره من كتب الفقه.
Shafi 6
(القاعدة) الثانية:
لما تقرر في علم الكلام كون أفعاله تعالى معللة بالاغراض واستحالة عود الغرض إليه وجب كونه لمصالح عبيده، وهو اما جلب نفع أو دفع ضرر، وكلاهما اما دنيوي أو أخروي. فالأحكام الشرعية لا تخلو من أحد هذه الأربعة، وهي تنظم كتب الفقه.
وقد قررها الأصحاب بأن غرض الحكم الشرعي اما أخروي وهو العبادات أو دنيوي لا يفتقر إلى عبارة وهو الأحكام، أو يفتقر إلى عبارة اما من الطرفين وهو العقود، أو من طرف وهو الايقاعات.
وان، شئت قلت: الشرائع كلها لحفظ المقاصد الخمسة، وهي: الدين، والنفس، والمال، والنسب، والعقل التي يجب تقريرها في كل شريعة، فالدين يقتسم العبادات، وحفظه بالجهاد وتوابعه . وحفظ النفس بشرع القصاص، وحافظة الحياة وما يتعلق بهما . وحفظ النسب بالنكاح وتوابعه والحدود والتعزيرات، وحفظ المال بأكثر العقود والتمليكات وحرمة الغصب والسرقة وغيرها. وحفظ العقل بتحريم المسكرات وما في معناها والحدود والتعزير وحفظ الجميع بالقضاء والشهادات وتوابعهما.
فائدة:
قد يجتمع في الحكم الواحد غرضان فما زاد، فان المكتسب لقوته وقوت عياله الواجبي النفقة إذا انحصر وجه التكسب في جهة وقصد به التقرب إلى الله
Shafi 7
تعالى، فان الاغراض الأربعة تجتمع فيه، فالنفع الدنيوي بحفظ النفس والأخروي بأداء الفريضة المقصود بها القربة ، وأما دفع الضرر الدنيوي فهو إزالة الألم الحاصل للنفس بترك القوت، وأما الأخروي فهو العقاب اللاحق بترك الواجب.
أخرى: العبادة تنتظم ما عدا المباح كما يجئ، وأما العقود والايقاعات فهي أسباب يترتب عليها الأحكام كما يجئ أيضا.
وأما المسمى بالأحكام فالغرض منها: اما بيان الإباحة كالصيد والأطعمة والأشربة والاخذ بالشفعة، واما بيان التحريم كموجبات الحدود والجنايات وغصب الأموال، واما بيان الوجوب كنصب القاضي ونفوذ حكمه ووجوب إقامة الشهادة عند التعيين ووجوب الحكم على القاضي عند الوضوح، واما بيان الاستحباب كالطعمة في الميراث وبيان آداب الأطعمة والأشربة والذبائح والعفو في حدود الآدميين وقصاصهم ودياتهم، واما الكراهة ففي كثير من الأطعمة والأشربة وآداب القاضي.
(القاعدة) الثالثة:
كل حكم شرعي يكون الغرض الأهم منه الدنيا، سواء كان لجلب نفع أو دفع ضرر: فأما أن يكون مقصودا بالأصالة، أو بالتبع.
Shafi 8
فالأول اما لجلب النفع، وهو ما يدرك بالحواس الخمس، فان كل حاسة لها حظ من الأحكام الشرعية، فللسمع الوجوب كما في القراءة الجهرية والتحريم كما في سماع الغناء وآلات اللهو، وللبصر الوجود كما في الاطلاع على العيوب وإرادة التقويم ، والتحريم كما في تحريم النظر إلى المحرمات، وللمس أحكام الوطئ ومقدماته بل المناكحات كلها الغرض الأهم منها اللمس، ويتعلق باللمس أيضا اللباس والأواني وإزالة النجاسات وتحصيل الطهارات، ويتعلق بالذوق أحكام الطعمة والأشربة والصيد والذبائح. واما لدفع الضرر، وهو حفظ المقاصد الخمس.
والثاني وهو الذي يكون مقصودا بالتبع، فهو كل وسيلة إلى المدرك بالحواس أو إلى حفظ المقاصد، ويجئ مفصلا.
(القاعدة) الرابعة :
الحكم خطاب الشرع المتعلق بالافعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع.
فالاقتضاء هو الطلب، اما للوجود مع المنع من النقيض - وهو الوجوب - أو لامعه - هو الندب - واما للعدم مع المنع من النقيض وهو التحريم أولا معه وهو الكراهة.
والتخيير الإباحة، والوضع هو الحكم على الشئ بكونه سببا أو شرطا
Shafi 9
أو مانعا.
وأضاف بعضهم الصحة والبطلان والعزيمة والرخصة والتقدير والحجة.
والأربعة الأول ظاهرة المثال، وأما التقدير فاما بجعل الموجود معدوما كالماء بالنسبة إلى مريض يتضرر باستعماله أو إلى عاجز عن ثمنه يقدر معدوما، أو بجعل المعدوم موجودا، وله أمثلة:
(الأول) الدية، تقدر داخلة في ملك المقتول قبل موته بآن يتورث عنه ويقضى منها ديونه، فإنه يقدر الملك المعدوم موجودا للضرورة.
(الثاني) تجديد النية في الصوم قبل الزوال، فتنعطف هذه النية تقديرا إلى الفجر، مع أن الواقع عدم النية.
(الثالث) تقدير الملك قبل العتق في قوله " أعتق عبدك عني "، وليس ذلك كله من باب الكشف، للقطع بعدم هذه المقدرات.
وأما الحجة فهي مستند قضاء الحاكم، كالاقرار والبينة واليمين والنكول.
والحق أن هذه يمكن ردها إلى أقسام الوضع الثلاثة .
هداية:
ظهر أن الخطاب اما تكليفي أو وضعي، وليس بينهما منع جمع ، بل ينقسمان أقساما:
" أ " ما اجتمعا فيه: كالطهارة عن الحدث والخبث وأسباب الحدث التي من فعل العبد، والصلاة فإنها واجبة وسبب لعصمة الدم، وغسل الميت واجب
Shafi 10
وشرط في صحة الصلاة عليه، وباقي أحكامه واجبة وسبب في سقوط الغرض عن الباقين، والاعتكاف ندب وسبب في تحريم محرماته، والنكاح ندب وسبب في أشياء تأتي، والطلاق مكروه أو واجب وسبب في التحريم، والرضاع مستحب أو واجب وسبب للتحريم، والزنا وأمثاله محرمة وسبب في الحد والتعزير والقصاص، والعتق ندب وسبب للحرية.
" ب " وضعي لا غير، كأسباب الحدث، وليست من فعل العبد كالنوم والحلم والحيض وأوقات الصلاة ورؤية الهلال، فإنها أسباب محضة، وحول الحول شرط لوجوب الزكاة ، والحيض مانع من الصلاة والصوم.
وجعل بعضهم ضابط هذا ما لا فعل فيه للمكلف، ومنه الإرث فإنه تملك محض بعد وقوع السبب.
" ج " تكليفي لا غير، كالتطوعات فإنها تكليف وليس فيها سببية ولا شرطية ولا مانعية، وكذا الزكاة والصوم والحج والالتقاط بنية الحفظ .
هذا إذا لم تلحظ اعتبار براءة الذمة أو سقوط الخطاب أو استحقاق الثواب أما مع ملاحظتها فإنه يزول هذا القسم ، لان السببية حاصلة بالنسبة إلى ما ذكرناه.
" د " مبدأه تكليفي وعقباه وضعي، فان وجوب النفقة سبب لملك الزوجة والحضانة سبب للحفظ، واستيفاء الحد والتعزير سبب للزجر عن المعصية، والقضاء سبب في تسلط المقضى له.
Shafi 11
ومن هذا القسم البيع والرهن والحوالة والضمان والشركة والوكالة والشفعة والإجارة والمزارعة والمساقاة والقراض والجعالة والوصية والهبة والمسابقة والعارية والوديعة إذا فرط، فان ذلك كله مباح.
وقد يستحب أو يجب، ويترتب عليه بعد وقوعه أحكامه.
" ه " مدارك الأحكام عندنا أربعة: الكتاب، والسنة، والاجماع، ودليل العقل.
أما الكتاب فدليل حجيته كونه كلام الله الذي يستحيل عليه الكذب والقبح.
وأدلته قسمان نص وظاهر، فالنص هو ما لم يحتمل خلاف ما فهم منه، والظاهر هو ما احتمل خلاف ما فهم منه لكن دلالته على المفهوم منه راجحة.
ويقابل النص المجمل، وهو ما يحتمل خلاف ما فهم منه، لكن لا رجحان معه لاحد الطرفين. ويقابل الظاهر المأول، وهو ما في دلالته احتمال لكن مع مرجوحية المحتمل.
ويشترك النص والظاهر في المحكم والمجمل، والمأول في المتشابه.
وأما السنة فهي: اما نبوية ودليل حجيتها الكتاب نحو " ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " وقوله تعالى " لنبين للناس ما نزل إليهم " ، واما امامية ودليل حجيتها قوله صلى الله عليه وآله " اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي " وآية الطهارة نص في الباب.
Shafi 12
واشتراط وجوب وجود المعصوم في كل وقت دليل جلي أيضا.
وكلاهما اما قول وأقسامه كما تقدم، أو فعل فأما بيان فتابع للمبين في وجهه واما ابتدائي فلا حجة فيه الا مع علم الوجه، أو تقرير فإن كان نبويا فحجة لاستحالة التقية عليه، وإن كان اماميا فمحتمل.
وأما الاجماع فلوجوب دخول المعصوم الذي يستحيل عليه الخطأ.
وأما العقل فقد يكون مع استقلاله ضرورة أو نظرا، وقد يكون لا مع استقلاله.
وله أقسام كثيرة من مفهوم موافقة أو مخالفة أو علة منصوصة أو اتحاد طريق كما هو مذكور مفصلا في الأصول.
وفي حجية هذا القسم الثاني خلاف، يقوى في بعضه الحجية كالعلة المنصوصة ومتحد الطريق وبعض المفهوم الموافق وهو ما يكون ثبوت الحكم في المسكوت أولى.
والأحكام المأخوذة عن هذه الأدلة كثيرة، ينتظمها كتب الفقه والأحاديث.
" و " استنبط العلماء من المدارك المذكورة قواعد خمسا ردوا إليها كثيرا من الأحكام، سيأتي بيانها انشاء الله تعالى:
(الأول) البناء على الأصل، ويعبر عنها بأن اليقين لا يرفع بالشك، وهو راجع إلى الدليل العقلي، أعني أصالة عدم الحكم السابق.
وينبه عليه قول النبي صلى الله عليه وآله: ان الشيطان ليأتي أحدكم وهو في الصلاة فيقول له أحدثت أحدثت، فلا ينصرفن حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا . رواه عبد الله وأبو هريرة. ومثله رويناه عن أئمتنا عليهم السلام .
Shafi 13
(الثاني) ان العمل بحسب النية، لقوله تعالى " وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين " . ولقول النبي صلى الله عليه وآله: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى . والتقدير إنما صحة الأعمال بالنيات أو اعتبارها وتقدير الثاني ان كل من نوى شيئا حصل له وان لم ينو شيئا لم يحصل له لقضية الحصر.
(تبصرة) قيل : النية إرادة ايجاد الفعل على الوجه المأمور به شرعا أورد عليه ارادته تعالى، لما تقرر من كونه مريدا للطاعات عندنا أو للكائنات عند الخصم، مع أنها لا تسمى نية، فيزيد مقارنة قلنا: لا يخرجها بناءا على افتقار الممكن حال بقائه إلى المؤثر. فقيل: حادثة. قلنا: تدخل أيضا على قول السيد.
فقيل: تفعل بالقلب فاستقام، فهي اذن إرادة قلبية لايجاد الفعل على الوجه المأمور به شرعا.
Shafi 14
(الثالث) ان المشقة سبب في التيسير، لقوله تعالى " يريد الله بكم اليسر " ولقوله " وما جعل عليكم في الدين من حرج " . ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: بعثت بالحنفية السمحة السهلة ، وقوله صلى الله عليه وآله : يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا .
(الرابع) تحكيم العرف والعادة إذا فرض انتفاء النص اللغوي والشرعي فإنه يحمل الخطاب على الحقيقة العرفية والا لزم الخطاب بما لا يفهم.
وينبه على اعتبار العادة " ما رآه المؤمنون حسنا فهو عند الله حسن "، وهو من المراسيل، ووقفه بعضهم على عبد الله بن مسعود.
وربما احتج على اعتبار العادة بفحوى قوله تعالى " ليستأذنكم الذين " الآيات، فان هذه الأوقات جرت العادة فيها بالابتذال ووضع الثياب. وقول النبي صلى الله عليه وآله لحمنة بنت جحش : تحيض في علم الله ستا أو سبعا كما تحيض النساء. وقوله: المكيال مكيال المدينة والوزن وزن أهل مكة،
Shafi 15
فان أهل المدينة اعتادوا الكيل لمكان النخل وأهل مكة الوزن لمكان متاجرهم، ولأنه صلى الله عليه وسلم قضى في ناقة البراء بن عازب لما أفسدت حائطا أن على أهل الحوائط حفظها نهارا وعلى أهل الماشية حفظها ليلا . وهو ظاهر في اعتبار العادة.
وأما قوله صلى الله عليه وآله من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ، فيحتمل أن يقال: المراد ما عليه المسلمون، وهو يشمل ما هم عليه من حيث الشرع أو العادة، أو يقال: اعتبار العوائد حيث هو عن أمره فعليه أمره.
(الخامس) نفي الضرر، مستنده قوله صلى الله عليه وآله في خبر أبي سعيد: لا ضرر ولا ضرار بكسر الضاد وحذف الهمزة، أسنده ابن ماجة والدار قطني وصححه الحاكم في المستدرك وفسرا بوجوه:
أ - ما كان من فعل واحد فهو ضرر ومن اثنين فهو ضرار، لأنه فعال من المضارة الصادرة م؟ ن اثنين، وإن كان مضارة الثاني غير منهي عنها لوقوعها مجازاة. وسماها ضرارا تبعا للصورة، كقوله تعالى " وجزاء سيئة سيئة مثلها " .
أو نقول: الثاني منهي عنه أيضا، لأنه عدول عن طريق العفو والاحسان كما قال صلى الله عليه وآله: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك .
ب - ان الضرار ما يتضرر به صاحبك ولا تنتفع به، والضرر ما تضره به
Shafi 16
وينفعك.
ح - ان الضرر اسم والضرار مصدر، فالنهي عن الفعل الذي هو المصدر وعن ايصال الضرر إلى الغير الذي هو الاسم.
وهذا خبر معناه النهي، وسيأتي في فصل مفرد جملة مما يتفرع على هذه الخمس من الأحكام.
Shafi 17
القطب الأول (في القواعد العامة المترتبة على المقدمات السابقة) (وما
يتفرع عليها من المسائل) وفيه مطالب:
المطلب الأول (في تفصيل أقسام الحكم) وفيه فصلان:
الفصل الأول: في الاقتضاء وفيه قواعد وفوائد:
قاعدة:
الواجب ما يذم تاركه لا إلى بدل ، ويطلق أيضا على ما لابد منه وان لم يتعقبه
Shafi 18
ذم. ويتفرع على ذلك أمور:
1 نية الصبي في تمرينه الوجوب.
2 أن يستعمله في الطهارة الكبرى هل يلحقه حكم الاستعمال أم لا؟
3 أن طهارته الواقعة في الصبا مجزية حتى أنه لو بلغ لم تجب اعادتها.
4 أن صلاته في أول الوقت صحيحة، فلو بلغ لم يعدها، والأصح وجوب الإعادة في الموضعين.
5 أنه لو غسل ميتا أو صلى عليه هل يعتد به؟ الا صح عدم الاعتداد به.
ويتفرع حينئذ فرعان:
الأول: لو سلم على المصلي فرد صبي لا يكون ذلك مسقطا للفرض عن المصلي، فتبطل صلاته لو استمر على الترك، على قول قوي عندي خلافا لشيخنا.
الثاني: أنه لو سلم الصبي على المصلي هل يجب عليه الرد؟ فيه نظر، من عموم الآية المقتضية للوجوب مطلقا، ومن عدم التكليف وعدم قصده استتباع الوجوب.
ويتفرع بطلان الصلاة بترك الرد وعدمه، والحق الوجوب، لان أفعاله التمرينية توصفه بصفات ما يمرن به، ولهذا ينوي الوجوب في الواجب والندب فيه، فيتبع ذلك أحكام فعله، ومن جملته هنا وجوب الرد، وهو المطلوب.
تقسيم:
الواجب ينقسم أقساما:
Shafi 19
" الأول " الواجب اما على الأعيان، وهو ما أراد الشارع ايقاعه من كل واحد من المكلفين. واما على الكفاية، وهو ما أراد ايقاعه في الخارج لا عن مباشر بعينه.
" الثاني " الواجب اما مضيق، وهو ما لا يفضل وقته عنه، أو ما لا يسوغ تأخيره عنه. واما موسع، وهو مقابله فيهما.
" الثالث " الواجب أن لا يجزي عنه غيره وهو المعين، أو يجزي وهو المخير. وقد يتركب بعض هذه مع بعض.
فائدة:
الواجب العيني شرعيته للحكمة في تكراره كالمكتوبة، وان مصلحتها الخضوع لله عزو جل تعظيمه ومناجاته والتذلل لله والمثول بين يديه والتفهم لخطابه والتأدب بآدابه، وكلما تكررت الصلاة تكررت هذه المصالح الحكمية.
والواجب الكفائي الغرض منه ابراز الفعل إلى الوجود، وما بعده خال عن الحكمة كانقاذ الغريق من الهلكة. ومن ثم لا تكرر صلاة الجنازة وجوبا، لان الغرض الدعاء له، وبالمرة يحصل ظن الإجابة، والقطع غير مراد، فلا تبقى حكمة في الدعاء بعد ذلك بخصوصية هذا الميت.
وإنما قيدنا بالخصوصية لان الاحياء على الدوام يدعون للأموات لا على وجه الصلاة.
Shafi 20
فائدة:
الواجب على الكفاية له شبه بالنفل من حيث سقوطه عن البعض بفعل الباقين، وقد يسقط بالتعرض له فرض العين، كمن له مريض يقطعه تمريضه عن الجمعة وإن كان غيره من الأقارب، وقد يقوم مقامه.
ومن ثم ظن بعض الناس أن الاتيان بفرض الكفاية أفضل من الفرض العين، من حيث أنه يسقط بفعله الحرج عن نفسه وعن غيره.
ويشكل بجواز استناد الأفضلية إلى زيادة الثواب والمدح لا إلى اسقاط الذم، أما الشروع فيه فإنه يلزم اتمامه غالبا كالجهاد وصلاة الجنازة.
ومن جهة ان له شبها بالندب جاز الاستيجار عليه كالاستيجار على الجهاد.
وربما جاز أخذ الأجرة على فرض العين، كاللبأ من الام واطعام المضطر إذا كان له مال فإنه يطعمه ويأخذ العوض.
قاعدة:
قسم بعضهم الواجب إلى الكلي على الاطلاق، والى الكلي الذي يقال فيه انه واجب فيه أو به أو عليه أو عنده أو منه أو عنه أو مثله أو إليه.
وذلك لان خطاب الشرع قد يتعلق بجزئي وقد يتعلق بكلي، وهو القدر المشترك بين أفراد جنس، دون خصوصية الافراد.
Shafi 21